الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرفِ المرسلين، نبِيِّنا محمدٍ الصادقِ الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغُرِّ الميامين، وأزواجِه أمهاتِ المؤمنين، ومَن اتبع سبيله بإحسان إلى يوم ِالدين؛ أما بعد:
جاء القرآنُ لِيُفَجِّر في العربِ يَنَابِيعَ المعرفةِ والانتفاع، ويُثِيرُ فيهم مَحَبَّةَ البحثِ والاطلاع-بعدما عاشوا قُرُونًا في أميةٍ وجَهالَةٍ وانقِطاع!-؛ فكانت تلك بدايةَ طريقِهِمُ المُسْتَنِير، إذْ مَنَّ اللهُ عليهم بِنَشْأةِ (علوم التفسير)، فباتت مِن أشرفِ العلومِ علَى الإطلاق, وأُولَاهَا بالتفضيلِ علَى الاستِحْقاق، وأرْفَعِها قَدْرًا بالاتفاق؛ ذلك أنها تخدم الكتابَ الكريم، المشتمل على كلامِ اللهِ العظيم.
ولقد كان الصحابة ╚ يأتون النبيَّ ﷺ فيسألون؛ فيُبَيِّن لهم ويُوَضِّحُ إليهم ما به يَهْتَدُون؛ {وأنْزَلْنا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إلَيْهِمْ ولَعَلَّهم يَتَفَكَّرُونَ}( )
ثم -مِن بعد النبيِّ ﷺ-: جاء الصحابةُ ╚ بعِلْمِهِمْ؛ ليُبَيِّنوا للناس ما غاب عنهم مما أخذوه عن نبِيِّهِمْ، وإلا رَجَعوا فيه إلى اجتهادِهم ورأيِهِمْ؛ فإنَّ اللهَ قد مَنَحَهُمْ صَفاءَ ذِهْنٍ وفَهْمًا, وحَبَاهُم سِعَةَ إدراكٍ وعِلْمًا.
ولَمَّا كان العَالِمُ الدكتور مصطفى محمود؛ مِمَّن لهم في التفسيرِ اجتهاداتٍ وجُهُود، فأتَى بكثيرٍ مِن التحريراتِ المتعمقة، غير أنها سَاخَتْ في كتاباتِهِ المتفرقة؛ فلذلك عَقَدْتُّ عَزْمِي وجَمَعْتُ هِمَّتِي، وأجْمَعْتُ رَأيِي وَقَرَّرْتُ وِجْهَتِي، مُبَيِّنًا مَنْهَجَهُ .. مَفاهِيمَهُ .. والدِّلَالَات، جامعًا ما تَفَرَّقَ مِن ذلك في عامَّةِ الكِتَابَات؛ فكان موضوعُ رسالتي هذه –بِتَوْفِيقِ ربِّنا المعبود-: «تفسير القرآن مفاهيم ودلالات في كتابات د. مصطفى محمود».
‌واللهَ ‌أسألُ العَوْنَ علَى ما نَوَيْتُهُ، والتوفيقَ لِمَا تَحَرَّيْتُهُ؛ إنه خَيْرُ مُوَفِّقٍ ودَلِيل، وهو حَسْبُنا ونِعْمَ الوكيل، ولا حَوْلَ ولا قوةَ إلا باللهِ العظيمِ الج