إن للقرآن الكريم مكانة عالية بين العلوم، تستلزم علينا أن نعرف المكي والمدني منها هذا وقد عنى العلماء بتحقيق المكي والمدني عناية فائقة، فتتبعوا القرآن آية آية، وسورة سورة، لترتيبها وفق نزولها، مراعين في ذلك الزمان والمكان والخطاب، لا يكتفون بزمن النزول، ولا بمكانه، بل يجمعون بين الزمان والمكان والخطاب، وهو تحديد دقيق لمعرفة المكي والمدني من سور القرآن الكريم. كما أن في معرفة المكي والمدني يتم الوقوف على الناسخ والمنسوخ، فالمدني ينسخ المكي؛ إذ أن المتأخر ينسخ المتقدم، ومن خلال المكي والمدني يتم معرفة تاريخ التشريع وتدرجه الحكيم بوجه عام، وذلك يترتب عليه الإيمان بسمو السياسة الإسلامية في تربية الشعوب والأفراد، واستخراج سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وذلك بمتابعة أحواله بمكة المكرمة ومواقفه في الدعوة، ثم أحواله في المدينة وسيرته في الدعوة إلى الله فيها، وعناية المسلمين بالقرآن الكريم واهتمامهم به حيث إنهم لم يكتفوا بحفظ النص القرآني فحسب، بل تتبعوا أماكن نزوله، ما كان قبل الهجرة وما كان بعدها، ما نزل بالليل وما نزل بالنهار، ما نزل في الصيف وما نزل في الشتاء، إلى غير ذلك من الأحوال. هذا وقد آثرت أن يكون بحثي بعنوان: الوجيز في علوم الكتاب العزيز (المكي والمدني - نزول القرآن الكريم وأول وآخر ما نزل منه – أسباب النزول – الوحي) مرتبًا بحثي على ترتيب الإمام السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن فهو العمدة في هذا الفن أعني علوم القرآن الكريم. فأعرض للمكي والمدني، ثم أول ما نزل من القرآن، ثم معرفة أسباب النزول، ثم نزول القرآن الكريم، ثم مراحل الوحي.