موضوع البحث "الإيمان بين الاستدلال والتسليم"، وتأتي أهمية هذا الموضوع من ارتباطه بالمعرفة الدينية وهي أعلى منزلة، لأن الدين ضروري للناس جميعًا إذ لابد أن يكون لهذا الخلق دين يلزمهم الاجتماع عليه، وأصل يلزمهم الفزع إليه. والدين الإسلامي حريص على وحدة عقيدة المسلمين، فذم الاختلاف والتشرذم، وحذر من عواقبه الوخيمة، ونهى عن الافتراق الذي شتت الأمم السابقة، وصرح بذلك القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.

وإن أصل الإيمان المعرفة والتصديق بالقلب، وهناك آيات كثيرة تدل على محلية القلب للإيمان نحو أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وقلبه مطمئن بالإيمان، ومنه الآيات الدالة على الختم والطبع على القلوب ويؤيده دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – اللهم ثبت قلبي على دينك، وقوله لأسامة وقد قتل من قال لا إله إلا الله هلا شققت قلبه!.

فجميع أهل الإسلام تعتقد ذلك، وإنما اختلفوا في تسمية الإقرار وطاعات الأعضاء الظاهرة إيمانًا، مع اتفاقهم على وجوب جميع الطاعات المفروضة، وعلى استحباب النوافل المشروعة، خلاف قول الكرَّامية الذين زعموا أن الإيمان هو الإقرار الفرد، سواء كان معه إخلاص أو نفاق، وخلاف قول من زعم من القدرية والخوارج أن اسم المؤمن يزول عن مرتكبي الذنوب. أما أهل السنة قالوا: إن اسم الإيمان لا يزول بذنب دون الكفر، ومن كان ذنبه دون الكفر فهو مؤمن وإن فُسق بمعصية.

فالإيمان عند أهل السنة ثلاثة أركان: قول اللسان، واعتقاد القلب، وعمل بالجوارح. وتعتبر مسألة الإيمان تسليمًا أم استدلالًا من القضايا المثارة حاليًا وبقوة وأصبح السؤال المطروح هل النظر العقلي والاستدلالي في مسائل العقيدة عامة والإيمان خاصة فرض عين أم لا؟ من الإشكاليات المتداولة في هذا العصر!.