شهد المغرب الإسلامي قيام وسقوط العديد من الكيانات والدول طوال حقبة التاريخ الإسلامي وتنوعت أشكال العلاقات الخارجية لتلك الدول وفق ظروفها الداخلية من ناحية ، ووفق تطورات الظروف الإقليمية من ناحية أخرى .  كان للاهتمامات الاقتصادية والتجارية لحكام المغرب الإسلامي أكبر الأثر في اعتمادهم علي مبدأ الصداقة والتعايش مع بعضهم البعض ومع الكيانات والدول الموجودة في جزر البحر المتوسط^[i] حتي أن محاولات فرض السيطرة عن طريق الغزو والاحتلال التي قام بها أي كيان سياسي تجاه الآخر كانت لأهداف تجارية واقتصادية بحتة ^[ii] . وبرغم الرفض الإنساني والأخلاقي لأساليب الغزو والاحتلال وفرض السيطرة بالقوة إلا أنها توجهات معروفة ومعتادة منذ فجر التاريخ مارستها الكيانات الأقوي مع الأضعف لأجل كسب المغانم أو السيطرة السياسية .  وقد يلجأ أي من المعسكرين خلال المعركة لاستخدام حيلة أو خدعة ، كما أن عمليات الغزو والاحتلال  تقوم بها الدول ، أما أن يكون هناك احتيال^[iii] من قبل مجموعة مغامرين علي دولة أو شعب بالكامل فهي ظاهرة فريدة في التاريخ السياسي^[iv]، وقد تجلت تلك الحالة في احتيال مغامري جنوة علي شعب وسلطة طرابلس  سنة 755هـ/1354م ^[v] .   [i]-ابن القوطية ت 367هـ /977م ، تاريخ افتتاح الأندلس ، تحقيق ابراهيم الأبياري ، دار الكتاب المصري – القاهرة ، دار الكتاب اللبناني –بيروت ، الطبعة الثانية 1410هـ/ 1989م ، ص 35  ؛ ، البكري (أبو عبيد الله عبد الله بن عبد العزيز بن محمد بن أيوب بن عمرو القرطبى ت 487 هـ ) ، المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب (وهو جزء من كتاب المسالك والممالك ) ، دار الكتاب الأسلامي ، القاهرة ، د.ت ، ص 76 – 86 ؛ الحموي ، ياقوت الحموي (شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي ) ت 626هـ /1228م ، معجم البلدان ، دار صادر ، بيروت ،1977م ، مجلد 1، ص 229 ؛ المراكشي عبد الواحد المراكشي ت 647، المعجب في تلخيص أخبار المغرب " من لدن فتح الأندلس إلي آخر عصر الموحدين "، تحقيق محمد سعيد عريان ، أشرف علي الأصدار محمد توفيق عويضة "الكتاب الثالث "، المجلس الأعلي للشئون الأسلامية ، لجنة إحياء التراث الأسلامي ، الجمهورية العربية المتحدة ، 1963م ، ص 29 ؛ ابن الخطيب (لسان الدين أبو عبدالله محمد بن عبد الله السلماني  ت 776هـ/1374م ) ، أعمال الأعلام في من بويع قبل الأحتلام من ملوك الأسلام ، تحقيق وتعليق ليفي بروفنسال ، دار المكشوف ، بيروت لبنان ، الطبعة الثانية ،  1956م ، ق2 ، ص 336 ، 337 ؛ ابن خلدون (عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي ) ت 808هـ/1406م ، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر ، وضع حواشي وفهارس خليل شحادة ، مراجعة سهيل زكار ، دار الفكر ، بيروت ، لبنان ، 1421هـ - 2000م ، ج4 ، ص 485 –ج7 ، 119 ؛ ابن أبي دينار (محمد بن ابي القاسم الرعيني القيرواني ) ت 1110هـ - 1698م ، المؤنس في اخبار افريقية وتونس ، الطبعة الأولي ، مطبعة الدولة التونسية ، 1286هـ  ، ص 15 ؛ محمد محمد مرسي الشيخ ، دولة الفرنجة وعلاقتها بالأمويين في الأندلس حتي أواخر القرن العاشر الميلادي(138-366هـ /755- 976م ) ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الأسكندرية ، 1401هـ -1981م ، ص 3؛ نهلة شهاب أحمد ، الأهمية السياسية والعسكرية لمضيق جبل طارق في تاريخ المغرب والأندلس (من الفتح حتي سقوط الخلافة 92-422هـ/710-1030م ) ، مجلة الأحمدية ، جمادي الأولي 1423هـ ، العدد 11 ، ص 339 . -Ballester،Dr.Rafaeel،Geografia-Atlas،Nueva,ediction،Madrid،1945،p18,Montanez،Geografia General Economica de Espana y su regions،Barcelona،1959،p17. [ii]-الأمثلة في التاريخ كثيرة علي العديد من المحاولات التي قامت بها بعض الدول للسيطرة علي المدن والثغور الهامة التي تطل علي البحر المتوسط والممتدة حتي دواخل الصحراء المغاربية للسيطرة علي الموارد الطبيعية والتجارة بتلك الدول لصالحها مما يعود عليها بالنفع مثل احتلال صقلية لطرابلس والمهدية عدد من السنوات أيام ضعف دول شمال أفريقيا وغيرها والتي لم تتوقف محاولات الغرب الأوروبي لاحتلال شمال افريقيا عند هذا الحد من الزمن والفترات التاريخية في العصور الوسطي فقط بل امتد الصراع والمخطط للعصور الحديثة بل المعاصرة وما زالت مناطق مثل جبل طارق وسبتة ومليلة تخضع للنفوذ الأجنبي من أجل الهيمنة والسيطرة علي طرق ومنافذ دول شمال أفريقيا : الوزان ، وصف افريقيا ، ج1 ، ص 176 ، 177 ؛ المقري (أحمد بن محمد المقري التلمساني ) ت 1041هـ -1631م ، أزهار الرياض في أخبار عياض ، تحقيق مصطفي السقا –ابراهيم الأبياري –عبد الحفيظ شلبي، مطبعة فضالة ، د.ت ، ج2 ، ص 257 ؛ الحضارة العربية الأسلامية في الأندلس ، تحرير سلمي الخضراء الجيوسي ، مركزدراسات الوحدة العربية ، بيروت ، الطبعة الأولي -1998م ، ص 321 ؛ إتوري روسي ، طرابلس تحت حكم الأسبان وفرسان مالطة ، ترجمة خليفة محمد التليسي ، مؤسسة الثقافة الليبية ، طرابلس ، الجماهيرية العظمى ، 1989م ، ص 37 ؛ حمدي عبد المنعم محمد حسين ، تاريخ وحضارة المغرب والأندلس ، دار المعرفة الجامعية ، الأسكندرية ، 2012، ص 56 ؛ عبدالناصر جبار ، بنوحفص والقوي الصليبية في غرب البحر المتوسط في القرنين الثامن والتاسع للهجرة "14-15م " ، رسالة ماجستير ، جامعة القاهرة  ، 1990م ، ص 131 ؛ فالح زكي حنظل ، العرب والبرتغال في التاريخ "93-1134هـ/711-1720م "، منشورات المجمع الثقافي ، ابوظبي –الأمارات ، الطبعة الأولي 1418هـ/1997م ، ص 89 ؛ محمد أحمد أبو الفضل  تاريخ مدينة ألمرية الأندلسية في العصر الأسلامي (دراسة في التاريخ السياسي والحضاري ) ، دار المعرفة الجامعية ، 1996م ، ص 13 -33 ؛ مارمول كربخال ، أفريقيا ، ترجمة محمد حجي واخرون ، مكتبة المعارف ، 1983م ، ص 376- 380. [iii]-أسلوب الاحتيال لا يمكن تصنيفه أنه من أساليب المعاملات السياسية بين الدول ولا يصنف إلا كونه أسلوب من أساليب المغامرين ورجال العصابات . [iv]-مارس المغامرين عمليات القرصنة علي السفن او الاعتداء السريع علي الموانئ . [v]-خالد عبد البديع رضوان محمد ، نفوذ جنوة التجاري في موانئ افريقيا الموحدية في القرنين السادس والسابع الهجريين /الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين) ، مجلة كلية الآداب ، قنا ، العدد 54 ، يناير 2022م ، ص 45-55؛ الطاهر قدوري ، مسألة القرصنة أو الجهاد البحري في الغرب الإسلامي ، مجلة كان التاريخية ، العدد 43 ، مارس 2019 م، ص 148 .