يسعى التعليم الجامعي لمواجهة الاحتياجات الاقتصادية للمجتمع، ويرجع ذلك إلى أن الجامعة توفر فرص العمل الجيدة للفرد لينعم بحياة كريمة؛ حيث إن الجامعة تتميز ليس فقط بالبحث المستمر بل أيضاً بتطبيق البحث الآن وفي المستقبل، فالجامعة تحمل على عاتقها النهوض بالأمة فكرياً، وعلمياً، ومعرفياً، وتقنياً، وهي تمد المجتمع بالأيدي العاملة المؤهلة والمتعلمة لمواجهة احتياجات المجتمع الحالية والمستقبلية، والعمل على تحقيق تنمية المجتمع في كافة المجالات.
ومع التطور الكبير في صيغ وتطبيقات التعليم الجامعي على مستوى العالم خلال العقود الأخيرة كان من الطبيعي أن تصف بعض الأدبيات تدويل الجامعات بأنه "قد أصبح بمثابة قانون الحركة الذي يتحكم في مسارات الجامعات ويوجه مستقبلها" (أحمد، 2015، 209).
ومن خلال الدورة الخامسة والعشرين للمؤتمر العام لمنظمة اليونسكو عام 1989م طلبت الدول الأعضاء من السكرتارية أن تضع خطة عمل دولية بهدف تدعيم التعاون بين الجامعات، مع التركيز على دعم التعليم الجامعي في الدول النامية، وخلق روابط متينة ودائمة بين مؤسسات التعليم الجامعي والمؤسسسات العلمية على الصعيد العالمي (المفتي، 1995، 135،136).
وقد تم إنشاء مشروع التوأمة بين الجامعات في عام 1992م وفقاً لقرار اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في دورتة السادسة والعشرين عام 1991م؛ بهدف تعزيز التعاون والتواصل بين الجامعات علي المستوي الدولي لتعزيز القدرات المؤسسية من خلال تبادل المعرفة والعمل التعاوني؛ في تنمية مجتمعاتهم، وهنا يمثل برنامج اليونسكو وسيله أساسية لتعزيز قدرات مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي من خلال نظام متكامل لأنشطة البحث، والتدريب، والمعلومات والتوثيق المتعلقة بمجالات متنوعة، فهي من شأنها أن تسهل التعاون بين الباحثين وأعضاء هيئة التدريس المعترف بهم دولياً ذوي المستوى الجامعي العالي وغيرها من مؤسسات التعليم الجامعى والبحث العلمي مع إضفاء روح التضامن الدولي (Council of European Municipalities and Regionsm, 2007, 2).
وقد تمثلت الاستجابات العملية من جانب مؤسسات التعليم الجامعى في زيادة أعداد الطلاب الدوليين مع مراعاة تنوعهم، وذلك لبناء شراكات دولية وبرامج تبادل لتدويل المنهج وتقديم برامج أكاديمية دولية واستصدار درجات عبر اتفاقيات توأمة وانتقال خارج البلاد أو عبر استخدام نماذج تربوية دولية، وفي العام 1966 بحيث اعتمد نمو البرامج الدولية والمتخصصين في ذلك على المصادر المحلية بشكل كبير (Cravcenco, 2004, 15) .
كما أن توأمة البرامج الدراسية لها دور واضح في تطوير البنية التعليمية والبحثية في الجامعات وتبادل الأفكار والخبرات، وتنمية روح التفاهم والتعاون الدولي بين الشعوب، كما أنها تؤثر إيجابياً في الحراك الأكاديمي للطلاب، والحركة الدولية لتبادل الطلاب الذين يتم إعدادهم للالتحاق بالجامعة، وتكوين المواطن العالمي المدرك لثقافات ولغات الشعوب المتباينة، والقادر على فهمها والتواصل معها، بالإضافة إلى المشروعات التعليمية الدولية، وبروتوكولات الشراكة، واتفاقيات التعاون، وإنشاء أنماط من التعليم عابر القارات (مرسى، 2020).
ولقد بذلت محاولات عدة في بعض الدول النامية للمنافسة في مجال التوأمة بين الجامعات، وأصبحت دول النمور الأسيوية مثل: الهند، وماليزيا، وسنغافورة، وتايوان، وكوريا الجنوبية وأندونيسيا وتايلاند منافساً قوياً في مجال توأمة برامج التعليم الجامعي خلال السنوات الماضية من خلال الحصول على نصيب وافر من السوق الدولية للراغبين في التعليم والدراسة والمعيشة والسياحة (هلال ونصار، 2012، 185- 316).
فتمثل برامج التوأمة حالات رابحة لجميع الأطراف المعنية، فتتلقى الجامعات الأجنبية الطلاب الذين تم إعدادهم بشكل جيد والذين تلقوا تدريساً كاملاً باللغة الإنجليزية وهم على استعداد لبدء تسلسلهم التعليمى، علاوة على ذلك، يمكن للطلاب الاختيار من بين مجموعة واسعة من الموضوعات في الجامعات الأجنبية، بغض النظر عن فرصة التعلم في بيئتين ثقافيتين مختلفتين، وبالتالي يصبحون متعلمين جيدين (Das, 2016, 1) .
ومن هنا جاءت الحاجة إلى التوجه نحو برامج التوأمة بين الجامعات كاتجاه عالمي لتدويل التعليم الجامعي وتطويره، وذلك بالعمل على برامج التوأمة بين الجامعات المصرية وجامعات دولية؛ حيث إن استثمار برامج توأمة الجامعات المصرية مع الجامعات الأجنبية والجامعات العالمية سيساعد الجامعات المصرية في إنجاز مهمتها بتقديم خدمة تعليمية تسهم في رفع قدرات ومهارات طلابها وتوفير البرامج الأكاديمية المتفوقة، وأساليب وتقنيات التعليم المتميزة، والمعلمين الأكفاء ذوي المعرفة، والمساعدات المادية والتقنية الحديثة لمساندة العملية التعليمية وتستطيع الجامعات المصرية التنافس عالمياً مع الجامعات الدولية.