الزندقة مصطلح تاريخي ارتبط بالثقافة الإسلامية والفكر الديني، ويشير إلى الأفكار أو الممارسات التي اعتبرها الفقهاء وعلماء الدين منحرفة أو مخالفة للعقيدة الإسلامية. أصل الكلمة يعود إلى اللغة الفارسية، حيث كانت تُطلق على أتباع الديانة الزرادشتية الذين فسروا النصوص الدينية بشكل مختلف عن التفسير الرسمي. في الإسلام، تم تبني المصطلح لوصف الأشخاص أو الجماعات التي تتبنى أفكارًا أو معتقدات تُعتبر خارجة عن الإطار الديني المقبول. في العصر العباسي، ارتبطت الزندقة بالاتهامات الموجهة إلى الفلاسفة والمفكرين الذين تأثروا بالفلسفة اليونانية أو الأفكار غير الإسلامية، مثل بعض المعتزلة أو الفلاسفة المشهورين كابن الراوندي وأبو بكر الرازي. كان الاتهام بالزندقة يُستخدم أحيانًا كأداة سياسية أو اجتماعية لقمع الأفراد أو الجماعات التي تتبنى أفكارًا مختلفة أو تهدد النظام الديني أو السياسي القائم. من الناحية الفقهية، اعتبر الفقهاء الزندقة جريمة تستوجب العقاب، حيث كانت تُعتبر تهديدًا للعقيدة الإسلامية والنظام الاجتماعي. ومع ذلك، كان الاتهام بالزندقة في بعض الأحيان يعتمد على تفسيرات شخصية أو سياسية، وليس بالضرورة على أفعال أو معتقدات حقيقية. وفي العصر الحديث، لم يعد مصطلح الزندقة مستخدمًا بشكل واسع، لكنه يظهر في السياقات التاريخية أو الدينية للإشارة إلى الأفكار المنحرفة أو المخالفة للعقيدة. يُعتبر مصطلحًا معقدًا ومتعدد الأبعاد، يعكس الصراعات الفكرية والسياسية التي شهدتها المجتمعات الإسلامية عبر التاريخ. وباختصار، الزندقة مصطلح ارتبط بالانحراف الديني أو الفكري، وتم استخدامه في سياقات مختلفة لأغراض دينية أو سياسية، مما يجعلها موضوعًا مهمًا لفهم تطور الفكر الإسلامي والصراعات الثقافية عبر العصور.