لا يزال شبح التطرف الإسلامي يلقي بظلاله الطويلة على الأمن العالمي. وبالتالي هذا البحث عبارة عن تحليل للمحتوى يتعمق في فهم قوة الإقناع للخطاب المتطرف، مع التركيز على تصريحات أبو بكر البغدادي، الزعيم السابق لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ومن خلال تحليل مفصل لخطب البغدادي ورسائله، تكشف الدراسة عن مزيج قوي من الخطابة المقنعة والتلاعب الديني. وكان لنسجه الماهر للآيات القرآنية في روايات العظمة والوعود الدينية صدى عميق لدى شريحة من الشباب المسلم. وعلى الرغم من فشل داعش النهائي في إنشاء خلافة عالمية، فإن جاذبية أيديولوجيتها لا تزال قائمة. ولتحليل استراتيجيات أبو بكر البغدادي المقنعة بشكل فعال، استخدمت إطارًا قيمًا وهو نموذج الاحتمالية التفصيلية (ELM) الذي طوره بيتي وكاشيوبو في عام 1986. ويحدد نموذج الاحتمالية التفصيلية طريقين رئيسيين للإقناع: الطريق المركزي الذي يعتمد على التفكير المنطقي والأدلة. والطريق المحيطي الذي يعزز النداءات العاطفية والسرد التبسيطي. ويستخدم البغدادي في الغالب الطريق الهامشي، مستخدمًا صورًا حية، ولغة عاطفية، ووعودًا مبسطة بالعظمة ليتردد صداها مع الأفراد الضعفاء. ومن خلال التركيز على النداءات العاطفية بدلا من الحجج المنطقية، فإنه يتجاوز بشكل فعال التفكير النقدي، ويؤثر على جمهوره، وخاصة أولئك المعرضين للإيديولوجيات المتطرفة. كما قمت بتطبيق إطار عمل آخر وهي نظرية المستوى التفسيري (CLT)، التي اقترحها تروب وليبرمان في عام 2010. وتركز نظرية المستوى التفسيري على كيفية تأثير المسافة النفسية على مستوى التجريد في معالجة المعلومات. ويستغل البغدادي هذه النظرية من خلال التأكيد على مفاهيم مجردة مثل "الجهاد" و"الخلافة"، الأمر الذي يبعد جمهوره عن التداعيات الواقعية لكلماته. وتعيق هذه الرسائل عالية المستوى والمبسطة التفكير النقدي، وتثبط عزيمة الجمهور عن التشكيك في الدوافع والعواقب الكامنة وراء أيديولوجياته المتطرفة. وبشكل خاص، استخدم البغدادي استراتيجية مبادئ ELM وCLT للتأثير على جمهوره. ونجح في إقناع آلاف الأشخاص حول العالم الذين ما زالوا يفجرون أنفسهم تحت راية هذا التنظيم الإرهابي، على الرغم من مقتل البغدادي قبل سنوات.