ملخص
هدفت الدراسة فى هذا البحث لقراءة جديدة لخطاب الغزالى الفلسفى والربط بينه وبين اللحظة التاريخية التى قيل فيها للوقوف على عناصر الرؤية المنهجية، فى قراءة خطابه ومحاولة الولوج الى مشروعه الفكرى. وتدور إشكالية الدراسة حولَ سؤال رئيسي وهو ما طبيعةُ الخطاب الفلسفى عند الغزالى؟ وهلْ كانَ للحقبة التاريخية والثقافية التى عاش فيها الغزالى تأثيراً على خطابه الفلسفى؟ وهلْ كانَ بعضُ مُنظري الفِكر العربي الإسلامي، على صَواب فى محاولتهم نَزعَ القيمة الفلسفية، والإبداع الفكري عن الغزالى؟ هلْ هاجمَ الغزالى الفلسفةَ أم الفلاسفةَ؟ وما حدودُ المعرفةِ الدينية عند الغزالي ومتى تلتقي أو تتقاطعُ مع العقل؟ وكيفَ نستفيدُ من تراثنا الإسلامى فى فهم واقعنا والتطلع للمستقبل؟
ولقدْ إقتضتْ طبيعةُ البحث فى هذة الدراسة، وبيان مباحثها ومسائلها ومقارناتها اِستخدامَ عدة مناهج علمية هى: المنهج التحليلى والمنهج النقدى للقيام بدراسة منهجية منضبطه لخطاب الغزالى وتمحيصه وتقليب النظر في مؤلفاته الأصلية، للقيام بقراءة جديده نتجاوز بها القراءات السابقة، وقياس أرائه بمقياس العقل.
وتَكمنُ أهمية هذه الدراسة من أنها تناولت بالبحث، الجذور الفكرية عند الغزالى والموروثات الثقافية الحضارية التي تفاعلت في تكوين خطابه الفلسفى في تمازج أنتج نتاجا له مذاقه الخاص المُتفِرد بما جعله مُتجِددا لا يفتقرُ إلى الأصالة. كما أنها أكدت على القيمة الفلسفية الكبيرة للإمام الغزالى، والتى حاول الكثيرون التقليل منها، بإتهامهم له بأنه هاجمَ الفلسفةَ، وعطلَ العقل ومسيرة الحضارة، وأنه سبب تأخر الأمة الإسلامية، وأنه على رأس مدرسة الجمود والتخلف.
سنعرضُ فى هذا البحث للمنهج الذى إتبعه الغزالى فى نظريتة المعرفية وكيفَ استحقَ عن جدارة أنْ يكونَ رائدَ الشك المنهجى، ثم نَعرضُ لرأى الغزالى فى مسألة السببية، كما سنعرض
لنظرية التأويل عند الغزالى.