شهد سوق العمل في المملكة العربية السعودية تغيرات ملحوظة نتيجة لتبني الدولة سياسات توطين الوظائف، التي تهدف إلى تقليل معدلات البطالة وتعزيز مشاركة المواطنين السعوديين في سوق العمل، خاصة في القطاع الخاص، كما يعد برنامج نطاقات وصندوق تنمية الموارد البشرية من أبرز المبادرات التي ركزت على إحلال العمالة الوطنية محل الوافدة، مما ساهم في زيادة فرص العمل للمواطنين. ومع ذلك، لا تزال البطالة تمثل تحديًا رئيسيًا، خاصة في القطاعات التي تتطلب مهارات متخصصة مثل قطاع التعليم الأهلي، حيث يفضل بعض أصحاب العمل توظيف العمالة الوافدة بسبب انخفاض تكاليفها مقارنة بالعمالة الوطنية. في هذا السياق، يركز البحث على تقييم دور برامج التوطين في الحد من معدلات البطالة ورفع مستوى التشغيل في قطاع التعليم الأهلي بمنطقة الجوف، مع تسليط الضوء على مدى فاعلية هذه البرامج والتحديات التي تعيق تحقيق أهدافها. واعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي، حيث استخدم الباحث استبانة لجمع البيانات من العاملين في قطاع التعليم الأهلي، وتم تحليل البيانات باستخدام نموذج المعادلات الهيكلية بالمربعات الصغرى الجزئية عبر برنامج Smart PLS. وكشفت النتائج عن وجود علاقة إيجابية بين برامج التوطين وتخفيض معدلات البطالة، حيث ساهمت هذه البرامج في تعزيز مشاركة السعوديين ورفع مستوى معيشتهم، كما أظهر البحث وجود فروقات دالة إحصائيًا بين المتغيرات الشخصية (مثل النوع، العمر، المؤهل الدراسي، وسنوات الخبرة) ودور التوطين في تقليل البطالة. ومع ذلك، تواجه برامج التوطين عدة تحديات، منها نقص الكفاءات الوطنية المؤهلة، وعدم توافق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، وارتفاع تكاليف العمالة الوطنية مقارنة بالوافدة. بناءً على ذلك، قدم الباحث مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحسين فاعلية برامج التوطين، شملت تطوير برامج تدريب وتأهيل مهني متخصصة لتلبية احتياجات سوق العمل، وتعزيز الشراكات بين المؤسسات التعليمية وسوق العمل لتطوير المناهج الدراسية، وتقديم حوافز مالية وإعفاءات ضريبية للمؤسسات التي تلتزم بتوظيف السعوديين، بالإضافة إلى دعم ريادة الأعمال وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما أكد الباحث على أهمية مراجعة سياسات التوطين وتطويرها لضمان مرونتها واستدامتها في مواجهة التغيرات المستمرة في سوق العمل، وتعد هذه التوصيات خطوة مهمة لتعزيز فاعلية برامج التوطين وتحقيق التوازن في سوق العمل، بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 وأهداف التنمية المستدامة.