تهدفُ هذهِ الدّراسةُ إلى تَحديدِ المصادرِ والمُؤثّراتِ الثّقافيّةِ في كُتبِ التّجاربِ الشّعريَّةِ، ومناقشتِها في ضوءِ ارتحالاتِها النَّصيَّةِ، وذلكَ في كتابَيْنِ يرصدانِ أبعادَ التّجربةِ الشّعريّةِ وطبيعةَ تشكُّلِها، هُما: تَجربتي الشّعرية عبد الوهاب البيّاتي، وحَياتي في الشِّعر صلاح عبد الصّبور؛ وتَكمنُ الإشكاليَّةُ البَحثيَّةُ لهذَيْنِ الكِتابَيْنِ، في تَحديدِ المَصادرِ والمُؤثّراتِ الثّقافيّةِ والأدبيَّةِ والتّاريخيَّةِ والحَضاريَّةِ، وبيانِ آليةِ التَّأثُّرِ، وطبيعةِ حُضورِهِ في التّجربةِ والمَجموعاتِ الشّعريّةِ. وتُثيرُ هذهِ الدّراسةُ تساؤلاتٍ منها: ما المَصادرُ الثّقافيّةُ والرؤى التي أَسْهمتْ في تشكيلِ تجربةِ الشَّاعرَيْنِ، وكيفَ شكَّلتْ رؤاهما شعريًّا ونَقديًّا، وانعكستْ على النّصوص والرؤى؟ وللإجابةِ عن سؤالِ البحثِ الرّئيسِ، اعتمدتِ الدّراسةُ المَنْهجَ الوَصفيَّ، مستعينةً بالمناهجِ السّياقيَّةِ: النَّفْسيَّةِ والاجتماعيَّةِ والتّاريخيَّةِ.
وانقسمتِ هذهِ الدّراسةُ إلى مقدّمةٍ، وفصلَيْنِ، ثم خاتمة بأهم النتائج، تناولَ الفصلُ الأوَّلُ حداثةَ الخطابِ الشّعريِّ في تجربةِ عبد الوهاب البيّاتي، في محاورَ أربعةٍ؛ والفصلُ الثّاني انفتاحَ الخطابِ الشّعريِّ في تجربةِ صلاح عبد الصّبور، في محاورَ ثلاثةٍ. وكانَ من نَتائجِ الدّراسةِ: تمثّلُ الشّاعرَيْنِ للتُّراثِ العربيِّ ومقولاتِه شعريًّا وثقافيًّا، والاشتباكُ الفاعلُ مع الأدبِ العالميِّ وتُراثِهِ ورُؤاه النّقديّةِ والفلسفيَّة، فأفادا منهما في بناءِ التّجربةِ الشّعريّةِ على صعيدِ الرّؤيا واللّغةِ والأسلوبِ، اتَّضحتْ في توظيفِ الأساطيرِ والرّموزِ والأقنعةِ، كما كشفتِ عن خصائصَ فارقةٍ دقيقةٍ في بنيةِ التّجربةِ بينَهما، وطبيعةِ الخِطابِ الشّعريّ؛ ويوصي الباحثُ بضرورةِ عنايةِ الباحثينَ بكتبِ التّجاربِ الشّعريّةِ من وجهاتٍ مختلفة، خاصَّةً من وجهة الشّاعرِ النّاقد، لما تتضمَّنُه من رؤى نقديّة