تهدفُ هذهِ الدراسةُ إلى مقاربةِ تصوّراتِ تشكُّل القضايا النَّقديَّةِ لشعراءِ الحداثةِ العربيَّة، التي طَرحوها في كُتب تجاربِهم الشّعريّة؛ وتِبيانِ مدى وعيهم النّظريّ بالمفاهيمِ النّقديّةِ التي تشكّلُ ركيزةً أساسيّةً في مشروعِهم الشّعريّ، والموازنةِ بينَهم، وكشفِ مدى اتّساقِ رؤاهم مع نصوصِهم الشّعريّة، وذلكَ في الكتبِ التّالية: تَجربتي الشّعريّة عبد الوهاب البيّاتي، وحياتي في الشّعر صلاح عبد الصّبور، وقصّتي مع الشّعر نزار قبّاني. وتكمنُ الإشكاليّةُ البحثيّةُ في هذهِ الكتبِ، في تحديدِ التّصوّرات والرُّؤى في ضوءِ مرجعياتِها النّقديّة، ومدى تأثيرِها في ممارستِهم النّصيّة، والموازنةِ بينَها. وتثيرُ هذهِ الدّراسةُ تساؤلاتٍ منها: ما القضايا النّقديّةُ التي تشكّلُ تصوراتِهم في كتبِ التّجاربِ الشّعريّة، وما الفروقاتُ بينَهم في وعي هذهِ التّصوّراتِ وتَمَثُّلِها، وكيفَ انعكستْ على مشروعِهم الشّعريّ؟ وللإجابةِ عن أسئلة الدّراسة، اعتمدَ الباحثُ المنهجَ الوصفيَّ التّحليليَّ، لقدرتِه على تحديدِ التّصوّراتِ والمفاهيمِ والقضايا، ومناقشتِها، والمقارنةِ بينَها.
وانقسمتِ الدّراسةُ إلى مقدّمةٍ، وأربعة فصولٍ، هيَ: مفهومُ الحداثةِ والموقفُ من التّراث، خلقُ القصيدةِ ومراحلُ تشكُّلِها، مفهومُ اللّغةِ الشّعريّةِ، مفهومُ الالتزام. واشتملتِ الخاتمةُ على أبرزِ نتائجِ الدّراسةِ، منها: تمثّلُ الشُّعراءُ لمفهومَي الحداثةِ والتّراثِ وجدلِ العلاقةِ بينَهما، ووعيهم العميقُ لطبيعةِ اللّغةِ الشّعريّةِ وفاعليّتِها وتأثيرِها، وتنوُّعُ مصادرِ مقاربَةِ مراحلِ تشكُّلِ القصيدةِ سايكولوجيًّا وسوسيولوجيًّا وصوفيًّا، والالتزامُ بقضايا مُجْتمعاتِهم وإشكالاتِها، على فروقاتٍ دقيقةٍ بينَهم في التَّمَثُّلِ والكتابةِ النَّصيَّةِ؛ ويوصي الباحثُ بضرورةِ إيلاءِ الباحثينَ عنايتَهم بكتبِ التّجاربِ الشّعريّةِ من وجهاتٍ مختلفة، خاصَّةً من وجهةِ نظرِ الشّاعرِ النّاقدِ، لما تتضمَّنُه من رؤى نقديَّةٍ لنصوصِهم الشِّعريَّةِ.