يتناول البحث قضية مهمة من قضايا النحو العربي، وهي (قواعد التوجيه)، وتستمد هذه القضية أهميتها من صلتها الوثيقة بالحكمِ النحويِّ أو الإعرابيِّ، وما يتعلق بهذا الحكم، أو يؤثِّر فيه، وما يلزم ذلك من تقريرٍ وتفسيرٍ، أو تعليلٍ، أو استدلالٍ، أو احتجاجٍ لها، كما أنها حكمت مناهج النحاة وتفكيرهم في الوصول إلى تقعيد القواعد الجزئية، والأصول النحوية المختلفة، والأفكار النحوية العامة، والفصل بين المذاهب النحوية المختلفة، والأعاريب المتباينة.
ـ وقد جاء البحث في: مقدمة، وتمهيد، وخمسة مباحث، وخاتمة.
وقد استطاع ابن حاجي عوض (تـ 745 هـ) في شرحه على كافية ابن الحاجب أن يوظف قواعد التوجيه في سياقات مختلفة، كتعليل للأحكام المختلفة، وتقعيد القواعد النحوية، كما كان لابن حاجي عوض موقف واضح من قواعد النحويين التوجيهية، كذلك ظهر أثر قواعد التوجيه في الاستدلال بالأصول النحوية (القياس، الاستصحاب، الإجماع)، والأفكار النحوية العامة، والأعاريب عند ابن حاجي عوض واضحًا جليًا.
هذا، وقد استوعبت قواعدَ التوجيه عند ابن حاجي عوض جميع نطاق الدرس النحوي؛ فقد أثرت في ضبط قواعد الأبواب النحوية المختلفة وأحكامها وبنائها، كما فرضت سيطرتها على آراء ابن حاجي عوض، وتوجيه فكره النحوي، كما أنها لا تخصُّ بابًا نحويًا معينًا، بل يمكن وجود قاعدةٍ توجيهيةٍ معينةٍ في أكثر من بابٍ نحويٍ، وهي بذلك منتشرةٌ في أبواب النحو كلِّها لا يختصُّ بها بابٌ دون آخر.