"تَجَلِّيَاتُ التَّنَاصِّ بَيْنَ نُونِيَّتَيْ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَمُعَلَّقَةِ عَمْرٍو بْنِ كُلْثُوم"
يعالج هذا البحث: "تَجَلِّيَاتُ التَّنَاصِّ بَيْنَ نُونِيَّتَيْ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَمُعَلَّقَةِ عَمْرٍو بْنِ كُلْثُوم" قضية مهمة من قضايا التراث الشعري القديم، حيث يميط اللثام عن جوانب التفاعل بين النصوص، ومواطن التلاقي والتجاذب بينها، ويبين الأثر الواضح للنص الشعري فيما أعقبه من نصوص؛ حيث يضع يد القارئ على قضية ذات بعد فني جلي في تحليل النصوص الشعرية، وهي قضية التناص التي تَعني تقاطعَ النصوص وتداخلَها، وتأثر بعضها ببعض.
وقد اختارت هذه الدراسة نونيتي "أمية بن أبي الصلت" ومعلقة "عمرو بن كلثوم" في معالجة هذه القضية؛ لما للمعلقة من أثر ملموس في نونيتي "أمية" لم يقتصر على جانب واحد من جوانب الإبداع الشعري، بل تعدى إلى كافة العناصر الإبداعية في النونيتين، على المستوى الموضوعي والمستوى الفني؛ حيث تأثرت النونيتان بالمعلقة في المعاني الغزلية، وفي المعاني الحماسية والبطولية، وفي معاني الفخر بالآباء والأجداد، كما تأثرتا بها في الألفاظ والأساليب والتصوير الفني، والإيقاع الصوتي وزنا وقافية وطريقة نظم.
وقد حاول البحث أن يستجلي آثار ذلك، وأن يدفع عن "أمية" تُهَمَةَ السرقة بما حققه من محاولات التميز والتفرد في طرائق التعبير عن معانيه حينا، وأن يبين اقتفاءه الأثرَ واستسهالَه، مما يدل على أنه كان محتذيا مقلدا حينا آخر، وما نسب إليه من أبيات أو أضيف إلى إحدى نونيتيه، وهو من كلام "عمرو بن كلثوم" في المعلقة؛ مما يؤكد وقوع الانتحال في نونيتيه.