تمثل هذه الدراسة امتداداً للدراسات التجريبية التي تستهدف دراسة العلاقة بين الإنفاق الاجتماعي والفقر من خلال اختبار افتراضية أن جودة الحوكمة والحرية السياسية يحددان مدى فعالية الإنفاق الاجتماعي في الدول النامية؛ حيث تساعد النتائج المستقاة من هذه الدراسة في شرح النتائج التي تم توثيقها في الدراسات السابقة، والتي تفتقر إلى أدلة واضحة على أن الإنفاق الاجتماعي الأعلى، خاصة على التعليم والصحة، يترجم إلى تخفيض حدة الفقر في الدول النامية.

باستخدام بيانات مقطعية غير متوازنة تشمل عينة كبيرة من الدول النامية (85 دولة) خلال الفترة من 1980 إلى 2022، أظهرت النتائج أنه بغض النظر عن المؤشر أو مستوى الفقر المستخدم فإن تأثير الإنفاق العام على الفقر ينخفض بشكل ملحوظ في الدول التي تعاني من تراجع مؤشرات الحوكمة، وتلك التي تتمتع بحريات سياسية منخفضة نسبياً. هذه النتيجة ثابتة بغض النظر عن المؤشر ومستوى الفقر المستخدم. تقدم هذه النتيجة دليلاً هاماً على أن تحسين فعالية الإنفاق الاجتماعي من خلال تحسين الحوكمة وحرية العمل السياسي هو أمر مهم بنفس القدر الذي تمثله زيادة حجم هذا الإنفاق ضمن استراتيجيات التخفيف من الفقر المتبناة في هذه الدول. كما كشف التحليل التجريبي أيضاً عن نتائج جديدة حول العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي من الممكن أن تؤثر على الفقر في الدول النامية.