أدى التغير المناخي إلى زيادة التحديات البيئية في المملكة العربية السعودية، وبالتالي فإن المبادرات المحلية للتخفيف من حدة آثار التغيّر المناخي أو للتأقلم معها أصبحت أمراً ضرورياً. وكما أظهرت تجارب الدول الأخرى. ونظرًا لكون دول الخليج العربية مسئولة عن 2.52% فقط من إجمالي الانبعاثات العالمية، فإنها ليست من المساهمين الرئيسيين في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ولكن في ظل اعتمادها الاقتصادي الكبير على عائدات تصدير النفط والغاز، تم تصنيفها كأكبر مساهم في العالم في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على أساس نصيب الفرد. وفي ضوء ذلك يتمثل التساؤل الرئيسي للبحث في الآتي: ما هي الآثار المباشرة لتغير المناخ على البنية التحتية للتجارة؟ وكيف يمكن للتغيرات المناخية أن تؤثر على التجارة الخارجية فى السعودية؟. واستهدف البحث إلقاء الضوء على العواقب الاقتصادية التي يُتوقع حدوثها عندما لا يتم اتخاذ إجراءات سياسية أخرى، من خلال تحليل العلاقة بين تغير المناخ والتجارة الخارجية للمملكة العربية السعودية. ومدى استفادة الاقتصاد السعودى من الإجراءات التى اتبعتها الحكومة فى تنمية اقتصادها واتساع نطاق تجارتها الخارجية فى ظل النظام العالمى الجديد. ولتحقيق ذلك تم استخدام أسلوب التحليل الإحصائي لتحليل السلاسل الزمنية واستقصاء الأثر الديناميكي طويل الأجل للتغيرات المناخية على التجارة الخارجية فى السعودية على التكامل المشترك باستخدام منهج اختبار الحدود والمبنى على استخدام الانحدار الذاتي لفترات الإبطاء الموزعة. ومن أهم النتائج أن المملكة العربية السعودية تمتلك ثاني أكثر الموارد الطبيعية قيمة في العالم، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 35 تريليون دولار. وتمتلك البلاد ثاني أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم. كما أن لديها خامس أكبر احتياطي مؤكد من الغاز الطبيعي. ويعتمد اقتصاد المملكة العربية السعودية بشكل كبير على النفط والغاز، حيث لا يزال تصديرهما يمثل أكثر من 60% من الإيرادات الحكومية. وكان اقتصاد المملكة العربية السعودية شديد التأثر بصدمات أسعار النفط، حيث تمثل صادراتها من النفط والغاز ما يقرب من 78% من إجمالي صادراتها ونحو 43% من ناتجها المحلي الإجمالي.  وفي عام 2016، أطلقت الحكومة السعودية رؤية لتنويع مواردها الاقتصادية. من خلال إجراء إصلاحات اقتصادية تخفف من الاعتماد على النفط كنشاط اقتصادي رئيسي، ووضعت إستراتيجيات لتنويع مصادر الدخل غير النفطي ضمن ما يسمى "رؤية السعودية 2030". وفيما يتعلق بقياس الأثر طويل الأجل للتغيرات المناخية على مستوي التجارة الخارجية للمملكة العربية السعودية، تم صياغة نموذج النمو الخاص بالدراسة والذى تؤثر فيه التغيرات المناخية (انبعاثات ثاني أكسيد الكربون) إلى جانب محددات التجارة الخارجية الأخرى والتي شملت الميزان التجارى، مستوى تراكم رأس المال البشرى، ونسبة الائتمان المقدم للقطاع الخاص والإنفاق الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى الاستثمار الأجنبي المباشر. وتبين من نتائج تقدير النموذج وجود علاقة توازنيه طويلة الأجل بين التغيرات المناخية ومستوى الانفتاح التجاري فى المملكة العربية السعودية، وأن تأثيرها جاء متفق مع النظرية الاقتصادية وواقع قطاع التجارة الخارجية السعودية، وهذا يشير إلى أن علاقة التغيرات المناخية ممثلة فى نصيب الفرد من انبعاثات الكربون بمستوى التجارة الخارجية السعودية غير خطية، أي عند المستويات المنخفضة من انبعاثات الكربون لكل فرد يكون تأثيرها إيجابي على مستوي الانفتاح التجاري السعودي، ولكن هذا التأثير يتحول إلى سلبي عند المستويات العالية من هذه الانبعاثات. ومن جانب أخر، تبين أن هناك تأثير إيجابي طويل المدى لشروط التبادل التجاري، والعمق المالي، ورأس المال البشرى، وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة على مستوي الانفتاح التجاري للسعودية، وهذه النتائج تتفق مع النظرية الاقتصادية فزيادة دخول المملكة العربية السعودية في شراكات تجارية واتفاقيات ومناطق حرة مع دول العالم الخارجي تحسن من شروط التبادل التجاري، مع ارتفاع مستوى مهارة المواطنين، وارتفاع مستوي الإقراض المقدم للقطاع الخاص، بالإضافة لتدفقات الاستثمار الأجنبي كل ذلك يُشجع على زيادة تنافسية الصناعات السعودية. وفي المقابل كان للإنفاق الحكومي تأثيرا سلبيا على مستوي التجارة الخارجية للسعودية، وهو يوضح أن زيادة حجم الإنفاق الحكومي العام يزاحم القطاع الخاص مما يؤثر سلباً على تنافسية المنتجات السعودية.