كيف يمكن لمشروع فكري وسياسي استيطاني كالصهيونية أن يعول على الدعم الاستعماري الغربي برغم مركزية عقيدة الحلولية لديه (شعب الله المختار) وسموه عن الجوييم (الأغيار الوثنيين من غير اليهود)؟ أو بمعنى آخر ما هو التبرير الفكري الذي يمكن من خلاله إعادة تقييم العلاقة ما بين حلولية الشعب المختار ووثنية الجوييم بحيث يمكن أن يلعب الجوييم بوثنيتهم دورا في مشروع إعادة بناء القومية اليهودية سياسيا تمهيدا للتوطين. ويعد مناقشة سؤال كهذا محوري لفهم التحولات التي مكنت الصهيونية من إخراج اليهود الاوروبيين بعيدا عن التمترس الانعزالي حول الغيتو والخروج للعالم كقوة غربية استعمارية تمارس السياسة والاستيطان كبقية القوى الاستعمارية الغربية. وقد سعى الفكر السياسي الصهيوني الحديث عبر آبائه الأولين لتقديم أشكال مختلفة لصياغة فكرة القومية اليهودية من رحم اليهودية كديانة ولتقديم رؤية عن عالم الجوييم الغربي (العالم الوثني الغربي) ودوره في تعزيز أو كبح تلك القومية، وكيف يمكن لتلك العلاقة أن تساهم في تحقيق المشروع الصهيوني الخاص بتوطين اليهود خارج أوروبا. وقد كانت لحركة الهسكلاه (الاستجابة اليهودية الأوروبية لفكر عصر التنوير في القرن الثامن عشر) دور كبير في تشكيل الخطاب الصهيوني الحديث والذي بدوره صاغ مشاريعا فكرية سياسية قامت علي تصورات لعلاقة مع الجوييم الغربي من أجل التمهيد وبدأ "العالياه" أي الهجرات اليهودية الفعلية بأعداد ضخمة لفلسطين (أو ما يسمونها ب ايرتس إسرائيل-أي أرض إسرائيل) في نهايات القرن التاسع عشر. ولهذا تهتم هذ الورقة بقراءة مشروعات صياغة القومية في الفكر السياسي لأربعة من أهم آباء الفكر السياسي الصهيوني وهم موسى هس و ليون بنسكر وتيودور هرتزل وآحاد هعام ،