علم المالية العامة هو أحد الفروع الأساسية في علم الاقتصاد، ويعنى بدراسة كيف تتعامل الدولة مع الموارد المالية وتديرها لضمان تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية. يركز هذا العلم على فهم وإدارة نفقات وإيرادات الدولة، وكذلك تنظيم الموازنة العامة التي تعكس أولويات الحكومة في توزيع الموارد وتلبية الحاجات العامة. يعتبر علم المالية العامة محورياً في تقييم كيف تؤثر السياسات المالية على الاقتصاد الكلي ورفاهية المجتمع.
تبدأ دراسة علم المالية العامة بفهم الأسس النظرية والعملية التي تميز نفقات وإيرادات الدولة. يتمثل أحد الأدوار الرئيسية للدولة في توفير الخدمات العامة التي لا يمكن للقطاع الخاص تأمينها بكفاءة أو بفعالية كافية، مثل الدفاع والأمن والعدالة. تقوم الدولة بتمويل هذه الخدمات من خلال مجموعة متنوعة من الإيرادات، منها الضرائب والرسوم، وتستخدم هذه الإيرادات لتغطية النفقات العامة الضرورية.
تتعدد مصادر الإيرادات العامة، وتلعب الضرائب دورًا محوريًا في هذا السياق، حيث تمثل المصدر الرئيسي لتمويل أنشطة الدولة. تشمل الضرائب أنواع متعددة مثل: الضرائب المباشرة مثل ضريبة الدخل، والضرائب غير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة. بالإضافة إلى الضرائب، تعتمد الدولة أيضًا على الرسوم، التي تفرض على خدمات محددة تُقدّم للجمهور، مثل رسوم التعليم والرعاية الصحية. كما قد تشمل مصادر الإيرادات الأخرى القروض العامة، التي تستخدم لتمويل المشاريع الكبيرة التي تعود بالنفع على المجتمع، ولكنها تتطلب إدارة دقيقة لتجنب زيادة الديون بشكل يهدد الاستقرار المالي.
تتعرض النفقات العامة لتقلبات مستمرة نتيجة للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ففي أوقات النمو الاقتصادي، قد تنخفض الحاجة إلى الإنفاق الاجتماعي وتزداد الإيرادات، مما يتيح للحكومة زيادة الاستثمار في مشاريع تطويرية. من ناحية أخرى، في فترات الركود أو الأزمات الاقتصادية، قد تحتاج الحكومة إلى زيادة الإنفاق لدعم الاقتصاد وتخفيف آثار الأزمات، مما يترتب عليه زيادة في الديون أو الحاجة إلى فرض ضرائب إضافية.