أولى المسلمون اهتمامهم بمكة المكرمة والمدينة المنورة منذ عهد الخلفاء الراشدين، وقد زاد اهتمام العثمانيون بمكة والمدينة طوال فترة حكمهم، فكانوا يرسلون الصرة الهمايونية، وهي عبارة عن نقود سنوية كانت ترسل إلى أهالي مكة المكرمة والمدينة المنورة في موسم الحج، ولم تنقطع إرسال هذه الصرة حتى في أصعب أوقات الخلافة العثمانية، وكانت شُنط الفِراشة من ضمن أحمال موكب الصُرة فقد كان يُطلق على من يُنظفون الكعبة المُشرفة، وساحة الطواف، وقبر النبيﷺفي المدينة المنورة لقب فرَّاش، وكان بعض من أهالي إستانبول يتخذون من الفرَّاشين نوابًا عنهم بنية عمل تلك الخدمات المقدسة، ويقومون بمساعدة القائمون بهذه الخدمة الجليلة بالهدايا والأموال. ومن ذلك فقد وصلت إلينا مجموعة من شُنَط الفِراشة والصُرر الهمايونية، والتي تُعد بمثابة وثائق تاريخية مهمة نظرًا لما تضمنته من نصوص تسجيلية، وكان قد لفت نظري شنطة محفوظة بمتحف مولانا بمدينة قونية قمت بتصويرها أثناء زيارتي لهذه المدينة، وهي التي دفعتني لإختيار هذا الموضوع، بالإضافة إلى نُدرة المراجع والأبحاث التركية والعربية التي تحدث عن هذه الشنط بشكل عام، كما أن هناك بحث تناول هذه الشُنط على أنها شُنط بريدية فقط، علاوةً على ذلك فبطاقة الشنطة المحفوظة في متحف مولانا بقونية وصفتها على أنها شنطة بريدية. ولذلك فقد وقع اختياري على ستة من شُنَط الفِراشة مصنوعة من الجلد لتتحمل السفر وطول المسافة، وكان يُكتب على أحد جانبيها اسم الراسل وعنوانه، أما الجانب الآخر فكان يُكتب عليه اسم المُرسل إليه وعنوانه بخيوط حريرية، والبيانات المدونة على هذه الشُنطلها أهمية بالغة لأنها أمدتنا بأسماء الأشخاص ووظائفهم، وبمسميات المناطق سواء الموجودة في المدينة المنورة،أومكة المكرمة، أو إستانبول، وغير ذلك من المعلومات التى توصلت إليها الدراسة.  أما الصُرة الهمايونيةفوقع اختياري على صُرَّتين، إحداهما ترجع إلى السلطان عبد الحميد الثاني(1293-1327هـ/1876-1909م)، والأخرى ترجع إلى عهد السلطان محمد رشاد الخامس(1327-1336هـ/1909-1918م)، مكتوب عليهما اسم السلطان، وألقابه، والمكان المرسل إليه الصُرة، وأرقام النقود المرسلة