ليس ثمة شك فيما أصبحت تكتسيه الكتابة التاريخية المونوغرافية في المغرب من أهمية وعناية من قبل الباحثين خلال العقود الأخيرة، سواء من حيث وفرة الدراسات المنجزة، أو من حيث تنوع مجالات الدراسة، واتساع أفق المقاربات المنهجية، بتوسيع مفهوم الوثيقة واستغلال مستندات ووثائق محلية مادية مكتوبة وأثرية، وأخرى غير مادية كالرواية الشفوية والأمثال الشعبية وما تختزنه العادات والأعراف من كلمات عفوية مفيدة في التقاط إشارات تاريخية ذات أبعاد مختلفة. تسعى هذه الدراسة إلى استنطاق المصادر الوسيطية، ورصد الأسباب الموضوعية التي أعاقت، وما تزال، انخراط الباحثين في إعادة كتابة تاريخ منطقة دكالة خلال العصر الوسيط، وذلك من خلال التوقف عند إشكالية المصادر العربية بعرض تجلياتها وحدود استجابتها لملامسة بعض الجوانب المعتمة في تاريخ منطقة دكالة من قبيل أصل التسمية وضبط المجال الجغرافي للقبيلة تاريخيا، ومواقع بعض القرى والحواضر المندرسة من مجالها العمراني، وما كانت تزخر به من نشاط اقتصادي وديني وثقافي، خلال فترات مختلفة من العصر الوسيط. وقد توصلت الدراسة إلى أن مجال دكالة في المصادر العربية الوسيطية على اختلاف أجناسها، لم يحظ بذلك الاهتمام الموازي لموقعها الجغرافي وسط المغرب وعلى ساحل المحيط، والأدوار الدينية والثقافية والجهادية التي اطلعت بها طول فترات مختلفة من العصر الوسيط.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
نور الدين امعيط، "مجال دكالة في مرآة المصادر العربية خلال العصر الوسيط بين التوصيف وإمكانيات التوظيف".- دورية كان التاريخية.- السنة السابعة عشرة- العدد السادس والستون؛ ديسمبر 2024. ص 90 – 105.