شغلت "الغربة"، ولاتزال في التراث والثقافة العربية الإسلامية العديد من الشعراء والكتاب والمتصوفة والمفكرين...، فجاءت غنية بالدلالات والرموز الأنطولوجية، لكننا سنحاول قدر الإمكان كشف اللثام حول دور الغرباء في تكوين الأسرة المغاربية عن طريق الزواج المختلط والمصاهرة مع رجال ونساء الغرب الإسلامي، ومن هؤلاء الغرباء القبائل العربية واليهود والنصارى والعبيد والتجار الحرفيين والنخبة العالمة الذين قدموا إلى المجتمع الإسلامي بدافع التجارة، أو التغريب، أو النفي، أو الأسر. كما سنوضح الأوضاع الاجتماعية للنساء المسيحيات والنصرانيات بالمجال المدروس، والهدف الأسمى هو الحديث عن الزواج المختلط بين المسلمين والغرباء، وخاصة الجواري منهن، في حين لم تمنعه التعاليم الإسلامية باعتبار الزواج بالكتابية حلال، كما أن الخلفاء والأمراء والسلاطين ارتبطت حياتهم الأسرية خاصة بالقصور بزيجات سواء عبر الأسر أو الاسترقاق أو توطيد العلاقات السياسية مع العرب، وهكذا لم يكتف المسلمون والغرباء بالتعامل اقتصاديًا بل تعدوه إلى ما هو أكثر حميمية، حيث انصهروا وامتزجوا فيما بينهم، وهو ما جعل الجواري يلقبون بأمهات الأولاد، أما وضعيتهم الاجتماعية فقد اقتصرت على الأعمال المنزلية في القصور السلطانية والتدخل في الأمور السياسية والمشاركة في الحروب، ناهيك عن الحضور الثقافي لهم على مستوى الشعر والنثر والموسيقى، كلها ميادين أبدعوا فيها، ما جعل السلطة السياسية تستدعيهم إلى مجالسهم والتقرب منهم. ويجب ألا نغفل مساهمة الغرباء في الحياة الاقتصادية من خلال العمل الحرفي الجاد الذين تقلدوه في المدينة الإسلامية، وأسهموا من خلاله في تحقيق الفائض على مستوى قطاع التجارة.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
إبراهيم قدوري، "الزواج المختلط وأوضاع الغرباء الاجتماعية والاقتصادية في الغرب الإسلامي خلال عصري الموحدين والمرينيين".- دورية كان التاريخية.- السنة السابعة عشرة- العدد السادس والستون؛ ديسمبر 2024. ص 67 – 78.