إن فهم المكونات الاجتماعية لكل مجتمع أحد أهداف الدراسات الإنسانية من تأريخ وعلم نفس واجتماع، من هنا نجد أن محاولة فهم هذه المكونات بالاستعانة بروايات التأريخ التي يعتقد بصحتها واستبيانات عالم الاجتماع أو المكونات النفسية لأفراد مجتمع ما من خلال ما يجمعه أولئك المشتغلون في هذه المجالات وغيرها تعدّ ضرورية لوضع معطيات عدة أمام صناع القرار من ساسة أو علماء أو مديرين تنفيذيين، لأن معرفة طريقة تفكير المجتمع وفهمه لذاته هو مهم للأفراد انفسهم أحيانًا، من هنا نجد محاولات متعددة لذلك من علماء ومفكرين بعضهم درس في خارج العراق، فاذا كانت الأضواء قد سلطت جيدًا على مؤلفات وأفكار علي الوردي التي تناولت طبيعة المجتمع العراقي واثر البداوة فيه أو الصراع بين الحضارة والبداوة عنده، فإننا نجد مؤرخًا مهمًا هو [جواد علي] تناول هذا الموضوع أيضًا، وكلا المؤلفين تناولا هذه الثيمة (البداوة والحضارة) في ثنايا مؤلفاتهما خلال فترة الستينيات من القرن الماضي، ومع اختلاف مجالات اختصاصيهما النسبي، إلا أن اهتمامًا لا نعرف تحديد مدى امتداده في عقود اقدم من عدمه بهذا الموضوع مع اقتراب بين الطرفين في وصف صفات البدو والحضر. فهل اطلع أحدهما على ما كتبه الآخر وأشعل شرارة البحث فيها؟ أم أنه اهتمام عفوي؟ لا نعلم على وجه التحديد، لكننا في مكالمة مع الدكتور عدنان البياتي الوكيل القانوني لعائلة الدكتور [جواد علي]، قال إنه كان يحضر ندوات الجمعية العراقية للعلوم الاجتماعية وكانوا قد تناولوا هذا الموضوع، وإن الدكتور [جواد علي] سأل الدكتور علي الوردي عن ذلك، فأشار إلى أن اختصاصيهما أي [جواد علي] وعلي الوردي مختلفين. علما انهما ينتميان لذات المنطقة، وهي: "مدينة الكاظمية" في بغداد.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
يوسف كاظم الشمري، "الأعراب من خلال مخطوطة تأريخ العرب في الإسلام للدكتور جواد علي".- دورية كان التاريخية.- السنة السابعة عشرة- العدد السادس والستون؛ ديسمبر 2024. ص 50 – 66.