من يقرأ مسيرة القدس منذ عصر الحروب الصليبية يجد دورًا مهمًّا لفن الشعر في مناصرة القدس وأهلها؛ حيث ظهرت رسالة الشعر التراثي جلية في أواخر القرن الخامس الهجري، وما بعده، ولم يكن الشعر العربي التراثي بمعزل عن ذلك، وما ينبغي له، بل تأثر بهذه الأحداث التي ألمت ببيت المقدس وأهله، فسجل آثارها، ودعا المسلمين حكامًا ومحكومين إلى الجهاد من أجل تحرير القدس واسترجاعها.  وقد سبق لي أن درست هذا الموضوع من قبل في كتابي (القدس في شعر عصر الحروب الصليبية) المنشور سنة 2005م، ولكن ما جدَّ من اطلاعي على أشعار تراثية خاصة بالقدس، وما ابتُلينا به من الظروف المأساوية الآنية للقضية الفلسطينية على يد الصهاينة المجرمين ومن معهم، فَرَضا عليَّ إعادة النظر فيما ذكرته بالكتاب مرة ثانية، فكان أن وقفت على جملة وظائف إعلامية طيبة لشعرنا التراثي حول هذه القضية، ومن الجديد في هذا البحث الحديث عن الشعر القدسي في المعاجم الجغرافية واللغوية، والتأصيل لورود لفظة(القدس) مكانًا مباركًا ومعظمًا في شعرنا العربي منذ الجاهلية!  و من ثم جاءت إعادة صياغة هذا البحث من خلال مادة شعرية جديدة، وجاء استدعاؤه لبيان أثر الشعر التراثي في نصرة قضية القدس من خلال محورين فكريين، هما: البكاء عليها وهي محتلة مغتصبة على أيدي الصليبيين، ثم دعوة كبار الأمة حينئذ وقادتها وأبطالها إلى الأخذ بأسباب  تحريرها؛ لعلنا نعتبر بأسلافنا المجاهدين الأبطال ونتزود من آثارهم العسكرية المجيدة؛ فننهض لنصرة إخواننا في فلسطين المنتفضة. هذا، وقد التزمت في إنجاز هذا البحث ببعض إجراءات المنهج التاريخي، والمنهج الموضوعاتي، والمنهج النصي، ومنهج التفسير الإعلامي للشعر.