في هذا البحث تناولتُ الرواياتِ المشكِلة الواردة في أحاديث حوض النبي – صلى الله عليه وسلم-, وقد اخترت الكتابة في هذا الموضوع لأن الحوض من المسائل الغيبية التي تمس جانبًا من أهم الجوانب الدينية لدى المسلمين ألا وهو الجانب العقدي؛ فالحوض من الأمور الغيبية التي أخبر عنها النبي- صلى الله عليه وسلم- وتناقلها المسلمون جيلًا بعد جيل مع إيمانهم وتصديقهم به خلا فئة قليلة تنكره كما تنكر غيره من مسائل غيبية, فهو مقياس للإيمان والتصديق بما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم- وأخبرنا عنه. والإشكال الواقع في أحاديث الحوض قد يتخذه البعض من أهل الزيغ والأهواء وضعاف النفوس والإيمان ذريعة لإنكاره, والطعن في سنة النبي – صلى الله عليه وسلم- والنيل منها ومن ثم الطعن في الدين كله لا سيما فيما يتعلق بمسائل الإيمان وأصول الاعتقاد, إضافة إلى ذلك أن أحاديث الحوض أخذت حيزًا كبيرًا ومكانة مهمة في سنة النبي – صلى الله عليه وسلم-. وقد تناولها كثير من العلماء بالجمع, والشرح, والتحليل, والدراسة, والتوفيق بين ما اختلف من نصوصها ورفع إشكالها. والروايات المتعلقة بأحاديث الحوض ترجع إلى قسمين: قسم تكلم عن مطلق الحوض وهذا لا تعارض فيه ولا اختلاف, وقسم أخر تكلم عن سعته ومساحته وهذا هو محل الاختلاف والإشكال. وقد بدأت البحث ببيان معنى الحوض والكوثر والعلاقة بينهما وعدة أحاديث الحوض وتواترها, ثم أتبعت ذلك بتخريج الأحاديث التي تكلمت عن مساحته وسعته مع بيان درجتها وما فيها من غريب, وأعلام, وبلدان, ثم ختمت ذلك ببيان وجه الإشكال في هذه الأحاديث وكيفية رفعه مسترشدًا بأقوال العلماء والأئمة في ذلك, وفي النهاية ذيلت البحث بأهم النتائج والتوصيات وبعض الفهارس التي تخدم البحث. وقبل هذا كله قمت بتتبع أحاديث الحوض في مظانها من كتب السنة المختلفة للوقوف عليها وعلى ما أشكل منها, وكذلك تتبعت أقوال العلماء وتعليقاتهم عليها في مظانها من كتب الشروح, والسير, والشمائل وغيرها لمعرفة مناهجهم وطرائقهم في معالجة إشكالها. والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم, وأن يغفر لنا الذلل والتقصير, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين