هدفت الدراسة إلى استكشاف رؤية النخبة الأكاديمية المصرية لماهية المواطنة الفاعلة في ضوء التحولات التي تشهدها مصر في عهد "الجمهورية الجديدة". واعتمدت الدراسة على المنهج النوعي، حيث تم جمع البيانات من خلال مقابلات متعمقة شبه منتظمة مع (38) من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية والخاصة والأزهر الشريف، من تخصصات أكاديمية متنوعة. ولتحليل البيانات، استخدمت الدراسة تكنيك التحليل الموضوعي.
وكشفت نتائج الدراسة عن خطاب نخبوي معقد ومتطور فيما يتعلق بملامح الجمهورية الجديدة تجاوز الدلالات السياسية المرتبطة بإرساء نظام جديد للحكم، ليشمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية وثقافية وتكنولوجية وفكرية متداخلة، تصدرتها فكرة تجديد الهوية المصرية، والتي انعكست بالدرجة الأولى من خلال التأكيد على الاستثمار في المواطن وبناء الإنسان عبر النهوض الاجتماعي والارتقاء بمفهوم المواطنة باعتبارهما حجرا زاوية في بناء الجمهورية الجديدة.
وفي ضوء فهم متطور للمواطنة الفاعلة باعتبارها ممارسات تتشكل وتتطور في ضوء ديناميكية التفاعل بين عناصر الممارسة (الخطاب، القوى الفاعلة، الموارد، القواعد) في سياقات سياسية واجتماعية متغيرة، كشفت نتائج الدراسة عن تطور رؤية النخبة الأكاديمية للمواطنة الفاعلة من الطاعة إلى الشراكة، ومن التلقي إلى الإنتاج، ومن الانعزال إلى الاتصال، لتصبح انعكاسًا لتطلعات وتحديات الجمهورية الجديدة.
وسلطت الأفكار التي شاركتها النخبة الأكاديمية الضوء على العديد من التحديات التي تعوق المواطنة الفاعلة، وأبرزها المعوقات التنظيمية والهيكلية، والتحديات الاجتماعية والثقافية، فضلًا عن التعقيدات والمخاطر المرتبطة بالبيئة الإعلامية والرقمية.
ولمواجهة تلك التحديات، وفي ضوء متطلبات الوصول للجمهورية الجديدة بمفهومها المأمول، قدمت النخبة الأكاديمية رؤى قيمة لصناع القرار والسياسات في مصر لتطوير استراتيجيات فعالة لتعزيز المواطنة الفاعلة، تتطلب نقلة نوعية في أساليب وأنماط واستراتيجيات تواصل القيادة السياسية والمؤسسات الحكومية وتفاعلهم مع المواطنين نحو نموذج للشراكة والتعاون الحقيقيين.