تسعى هذه الدراسة إلى تحليل الثقافة السياسية لدى المصريين خلال العقدين الأخيرين، وذلك من خلال رصد التحولات التي طرأت على مواقفهم تجاه المؤسسات السياسية، الديمقراطية، والانتماءات الاجتماعية، حيث تهدف الدراسة إلى فهم مدى تأثير التحولات السياسية والاقتصادية على الثقة في المؤسسات، ومدى دعم المصريين للديمقراطية، إضافة إلى استكشاف العوامل المؤثرة في دوائر الانتماء. تم الاعتماد على بيانات مسح القيم العالمي التي جمعت في أربع موجات رئيسية خلال أعوام 2000، 2008، 2012، و2018 لتحليل هذه التحولات.
اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، وذلك باستخدام أسلوب التحليل التلوي (Meta-analysis) لبيانات المسح لتقديم صورة شاملة عن الثقافة السياسية. تم تقسيم التحليل إلى ثلاثة محاور رئيسية: الثقة في المؤسسات (مثل المؤسسات الدينية، الصحافة، الأحزاب السياسية، والشرطة)، الاتجاهات نحو الديمقراطية، ودوائر الانتماء. تم تحليل التغيرات في هذه المحاور عبر موجات المسح لتحديد الاتجاهات الرئيسية في الثقافة السياسية لدى المصريين.
أظهرت النتائج انخفاضًا ملحوظًا في الثقة في المؤسسات، خاصة بعد أحداث 2011 وما تلاها من اضطرابات سياسية واقتصادية. كما تبين وجود ميل عام نحو تفضيل الديمقراطية، لكن هذا التفضيل تراجع نتيجة التجارب السياسية الصعبة في فترة ما بعد 2011. فيما يتعلق بـالانتماء، حافظ المصريون على انتمائهم القوي لبلدهم وهويتهم الدينية والتاريخية، إلا أن الثقة في النظام السياسي والمؤسسات ظلت متذبذبة.