تبوأ الأدب الشعبي مكانةً بارزة في الدرس النقدي الحديث، تُعزى هذه المكانة إلى ما يتضمنه من مخزون ثقافي، وثراء معرفي ممتد على مر السنين عاكسًا هوية المجتمع، وسماته الخاصة بما فيها من تجارب، وقيم، وآداب؛ ولذلك لم يتهاون الدارسون في العناية بهذا الموروث الشعبي، والتركيز عليه.
وتأتي هذه الدراسة للتركيز على أحد فروع الأدب الشعبي، وهو شعر العرضة الجنوبية؛ للوقوف على بنية استهلالاته، وما تشير إليه من وظائف، وتخيرنا لذلك ثمانية من أبرز شعراء المنطقة نموذجًا تطبيقيًّا، وهم: صالح اللخمي، وعلي العدواني، ومحمد بن غرم الله الزهراني المشهور بابن ثامرة، وسعيد بن هضبان الحارثي، وعبد الله الزرقوي، وإبراهيم الشيخي، وعبد الله البيضاني، وعبد الواحد الزهراني؛ حيث بلغ عدد القصائد المختارة محل الدراسة ثمانين قصيدة بمعدل يتراوح بين تسعة إلى عشر قصائد لكل شاعر، وقد جُمعت هذه النماذج من خلال مصادر متنوعة تحتفظ بإبداعهم الشعري، ومن ذلك كتاب (الموروثات الشعبية لغامد وزهران: قصائد العرضة في مناسباتها المختلفة) للأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني، وكتاب الأستاذ عبد الكريم بن علي العدواني (ألحان من الجنوب: ديوان الشاعر علي بن معيض العدواني الزهراني)، وكذلك كتاب الأستاذ علي بن ضيف الله بن خرمان الزهراني (صالح اللخمي: حياته وشعره)، وكتاب (أحداث وقصائد من بلاد غامد) للأستاذ فهد بن أحمد الجعيدي الغامدي، بالإضافة إلى كتاب الأستاذ سعد بن علي الحارثي (ديوان شعر وشعراء من المنطقة الجنوبية)، وهي مراجع توثيقية دقيقة لموروث العرضة الجنوبية.