تقوم اتفاقيات التجارية شديدة التكامل في أمريكا الشمالية على وجود المزيد من التعاون الإقليمي بشأن تحديات القوى العاملة وفرص العمل؛ حيث يحقق هذا التعاون مستويات أعلى من الإنتاجية، ويعزز فرص العمل؛ ومن ثم يزيد ذلك من تعزيز القدرة التنافسية للمنطقة في مواجهة القوى الاقتصادية العالمية؛ لذلك كان الهدف الرئيس لاتفاقية (NAFTA)، ومن بعدها (USMCA) بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك هو إيجاد التكامل الإقليمي، بمعنى تعزيز التنمية الاقتصادية، من خلال تعزيز التجارة البينية في السلع والخدمات. وعلى ذلك فمحاور اتفاقيات التعاون بين الدول الثلاث تشتمل في معظمها على التعليم العالي كمجال أساسي ضمن مجالات التجارة في الخدمات. ولقد أدى تحرير التجارة في خدمات التعليم العالي بين الدول الثلاث إلى وجود مجموعة متنوعة من آليات التعليم العالي، منها التعليم عن بعد، والبرامج التعليمية المشتركة، وبرامج الحراك الطلابي وحراك أعضاء هيئة التدريس، وإنشاء فروع للجامعات في بلدان التعاون وغيرها. تعتمد الدراسة الحالية على استخدام أسلوب الدراسة المجالية (المنطقية) Area Study، الذي يختص بالدراسة المسحية الوصفية لنظم التعليم في منطقة معينة، قد تكون إقليم في دولة، وقد تتسع لتشمل عدة دول؛ ومن ثم تقوم الباحثتان- من خلال خطوات السير في الدراسة- بوصف ملامح التعاون الإقليمي في التعليم العالي بين الدول الثلاث، وتحليل ذلك ثقافيًا، من خلال عرض القوى والعوامل الثقافية المؤثرة في منطقة التعاون، والمسهلة لنشوء هذا النوع من التعاون الإقليمي بأوجه نشاطه المختلفة؛ ومن ثم يمكّن هذا الوصف الشامل الذي قدمته الباحثتان وكذلك تحليل التعاون تحليلًا ثقافيًا من تحديد أهم أوجه استفادة التعاون المصري الإقليمي في التعليم العالي.