المقدمة:
تسعى التربية لغرس قيم المواطنة لدى أفرادها، وترسيخ انتمائهم لوطنهم من خلال زيادة وعيهم لإيجاد المواطن الصالح الذي يسهم في تنمية مؤسسات المجتمع المدني بفاعلية، والذي يمتلك القدرة بالحكم على الأشياء وتكوين الرأي الشخصي لهم، وتعتمد تربية المواطنة على الممارسات والتطبيقات التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني ككل فهي مسؤولية مشتركة بين هذه المؤسسات الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع الأخرى (القاسم، 2021).
تختلف قيم المواطنة من مجتمع إلى آخر كل بحسب فلسفة التربية المنبثقة عنه، فالتربية هي أداة لصناعة البشر، ولا يوجد دولة لا تهتم بهويتها وأمنها الفكري إن المواطنة ذات علاقة وطيدة تربط بين الفرد والدولة، أو بين الفرد وأفراد جماعته وبموجبها يقوم الفرد باحترام القانون والنظام العام، واحترام حقوق الإنسان، والتسامح والحرية وحرية التعبير، وقبول الآخر، وتعكس المواطنة آثارًا إيجابية على جميع أهداف المجتمعات، باختلاف المدارس الفكرية التي ينتمي إليها الفرد، وبالمقابل فإن المواطنة تحدد حقوق الفرد وواجباته، وتميزه بمدى ولائه وانتمائه للوطن وبما أن الفرد يمتلك الحرية في اختيار ما يريد ويسلك طريق الخير والشر، فإنه قد يسلك طريق الخير التي تدعم قيم المواطنة الصالحة وانتمائه لوطنه، وقد يسلك طريقًا آخر يفقده الشعور بالانتماء، أو قد يجرده من المواطنة الصالحة (العمري، 2020).
وتحتل المؤسسات التعليمية والتربوية مقدمة المؤسسات المجتمعية المنوط بها تحقيق الأمن الفكري، وذلك لعظم مسئولياتها ودورها الإستراتيجي القائم على إعداد المواطن الصالح، والعناية عقله وتعزيز سلوكه وحمايته من التطرف والغلو والتفريط، وبخاصة الجامعات لما لها اثر في تحصين الشباب ضد الأفكار الوافدة، وبناء شخصية الطلبة وصقلها بما يتوافق مع القيم الاجتماعية والأخلاقية من خلال وضع الخطط المدروسة، والبرامج الراعية لزرع مفاهيم الأمن الفكري في عقول الطلبة ضمن مفردات المناهج الدراسية التي يتم انتقاؤها بعناية فائقة بحيث تحقق مبدأ الأصالة والمعاصرة معًا، بالإضافة إلى تربية الطلبة على حب الوطن وتعميق شعور الانتماء والحفاظ على موروثاته وقيمه الحضارية، وكذلك المحافظة على مقدراته وممتلكاته (الحسين، 2018).