يعد تنظيم البحث الطبى السريرى من أهم موضوعات القانون الخاص، وذلك نظرا لارتباطه المباشر بصحة الإنسان وبحياته وسلامته، وكذلك لارتباطه بحق الإنسان فى الاحتفاظ بسرية بياناته الصحية، وقد مر هذا التنظيم القانونى بعدة مراحل تزامنت مع طبيعة الوقت، فكلما ازدادات الحاجة لإجراء البحوث الطبية السريرية زادت الحاجة إلى وجود قواعد قانونية تفصيلية تحكم هذا النشاط حفاظا على الحقوق والالتزامات.
إن تنظيم التجارب الطبية السريرية فى إطار القواعد القانونية العامة والقانون المقارن والاتفاقيات الدولية كان أمرا سائدا قبل صدور تشريعات محلية وطنية خاصة تقوم على تنظيم العمل والبحث فى المجال الطبى والصحى، ثم كان صدور تشريعات خاصة فى شأن التجارب الطبية السريرية على وجه الخصوص فى وقت متأخر نسبيا، وهو أمر بديهى ومنطقى، ويعتبر تطبيقا مباشرا لما هو متعارف عليه من أن القاعدة القانونية هى قاعدة سلوك اجتماعى، فالقاعدة القانونية تتطور رويدا رويدا مع تطور المجتمع ذاته.
وقد صدرت العديد من التشريعات فى كثير من دول العالم بغرض تنظيم البحوث الطبية والعلمية، وهى محاولات قانونية متعددة، ومتباينة فى كثير من التفاصيل، لكننا نلمح قاسما مشتركا بين هذه التشريعات، يتمثل فى الاستقرار على عدد من المبادئ التى توافقت الحضارات الحديثة على ضرورة توافرها فى عمليات التجارب الطبية السريرية، ولعل أهم هذه المبادئ، ضرورة توافر الرضاء الحر المستنير من قبل المبحوث، وضرورة توثيق موافقة الشخص المبحوث على الخضوع للتجربة، ووجوب الحفاظ على حقوق المبحوث خاصة الحق فى سرية بياناته الصحية.