لا شكوك تثار حول حقـيقة أن العالم المعاصر هو عالم الاكتشافات العلمية الكبرى فى شتى الميادين، وهذه الاكتشافات دون ريب هى وليدة البحث العلمى الدؤوب والخبرات المتراكمة، ويحتل المجال الصحى ربما مكان الصدارة فى هذا النطاق، حيث مازال المجال الطبى فى خضم الاكتشافات والتجارب العلمية هو رجاء الإنسان يوميا، وصولا إلى صور العلاج المتطورة والفعالة فى مواجهة كافة الأمراض والأوبئة. ولأن التجربة والبحث فى المجال الطبى هما مجرد وسيلة تستهدف التوصل إلى الدواء الفعال ومن ثم إلى الشفاء، فإن شأن مشروعية تلك التجارب والبحوث يتعـين بضوابط تضع ذلك الأمر فى نصابه الصحيح، كى لا تصبح التجارب الطبية السريرية مجردة عن غرض جلى لا خلاف حوله، هو تطور الإنسان ورفاهيته.
وعادة ما تحاط التجارب الطبية السريرية بالجدل والمناقشات المهنية والمجتمعـية، فهناك من يؤيدها، بينما يرى البعض الآخر، ولا نؤيده، أنها حوّلت المصريين إلى فئران تجارب، على حد وصفهم، وقد شهدت السنوات الماضية تغـيرًا كبيرًا فى وضع التجارب السريرية، للعقاقير، وذلك تحت رعاية الشركات المنتجة متعددة الجنسيات، حيث زادت هذه التجارب بشدة فى الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، وهذه الزيادة التجريبية فى تلك البلاد سوف تزيد حتما من فرص الإخلال بالمعايير الأخلاقـية، التى ينبغى مراعاتها أثناء إجراء تلك التجارب السريرية.
و"البحوث الإكلينيكية"، السريرية، عرفها المشرع بأنها: "تلك الدراسات أو التجارب التي تجرى على متطوعين من البشر لتقـييم سلامة وكفاءة أي تدخلات علاجية أو دوائية أو جراحية، أو غذائية أو وقائية أو تشخيصية، بهدف التوصل إلى اكتشافات علمية أو وقائية أو تشخيصية أو علاجية للأمراض، وكذلك الدراسات التى تجرى للتنقيب فى البيانات الطبيـة الخاصة بالمتطوعين لاسـتبـيان تقـييم رجعي لأثر دواء أو سلوك أو تدخل جراحي، وكل ذلك وفـقًا للمعايير الأخلاقـية للبحث العلمى المتعارف عليها دوليًا".