الملخص: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا. وبعد: فمن أكبر معوقات عملية التنمية الاقتصادية انتشار الفساد، ويعتبر الفساد المالي من أبرز القضايا التي تواجه الاقتصاد العالمي، فهو ظاهرة عالمية تواجه كل الدول باختلاف درجة نموها وتطورها، وأخذت أشكالاً عدة، من أبرزها الاحتكار. فالاحكتار من أخطر الآفات التى تواجه المجتمع، وهو من أهم أسباب سوء الأحوال المعيشية التي تعيشها المجتمعات المعاصرة، فهو مما عم به البلوى، وكثر منه الشكوى، وصار حديث أفراد المجتمع في تجمعاتهم المختلفة. إذا تأملنا وبحثنا عن أسباب هذه الظاهرة سنجد أنها بما كسبت أيدي الناس؛ فمن التجار من يقوم بتخزين السلع انتظارًا للمزيد من ارتفاع الأسعار، ويستغل ذلك للحصول على أرباح مالية بوسيلة جشعة لزيادة ثرواته فى مقابل فقر الآخرين. قد بينت الدراسات الاقتصادية الكثير من الآثار السلبية للاحتكار على المجتمع، ومنها الغلاء والكساد والتضخم، وأشرهم الوصول إلى حالة الكساد التضخمى، وكذا دوره في قلة الإنتاج وانخفاض جودته، وزوال المنافسة، وكذلك اتساع الهوة الطبقية بين الفقراء والأغنياء. وقد وضعت الشريعة الإسلامية الضوابط الشرعية لكل مناحي الحياة، فنصوص القرآن الكريم  والأحاديث النبوية الشريفة تنهى عن الفساد والغش والاحتكار. . ولما كان الناس تحت وطأة غلاء الأسعار المستمر، فكان ولا بد من النظر إلى هذا الداء من منظار الشريعة؛ لأن مثل هذه الظواهر الخطيرة، إذا لم تُعالج أدت إلى كوارث ونتائج سيئة منها: انتشار الفقر في المجتمعات، وظهور الأمراض الخطيرة الاجتماعية من البطالة والسرقة والإجرام، ومن ثم كانت فكرة هذا البحث (التدابير الشرعية لمواجهة الاحتكار والحد من غلاء الأسعار "دراسة فقهية مقارنة")، مبينة ماهية الاحتكار، وبيان موقف الشريعة منه، ببيان الحكم التكليفى، و مَا يَجْرِي فِيهِ الِاحْتِكَارُ، وشُرُوطُ الاحتكار، وأضراره، والتدابير الشرعية لمعالجة الاحتكار.