الملخص: مما لا يخفى على كل ذي لب أن شريعة الإسلام الغراء جاءت بمنهج متكامل بناء صالح لكل بني البشر في جميع الأجواء والأنحاء، ومن أجل ذلك أرسل الله نبيه محمدًا (g) رسولًا للناس أجمعين، وأنزل الله عليه القرآن ومثله معه؛ ليبين للناس ما نُزِّل إليهم من أوامر الله ونواهيه، فصدع (g) بالحق المبين، وجاهد في سبيل الله حق جهاده، وكان حريصًا على دعوة أمته وإنقاذها من أسباب الانحراف عن دين الله (b)، فأمرهم بكل ما ينفعهم في دنياهم ويسعدهم في أخراهم فبه (g) تمت النعمة، وخُتمت النبوة، وكمل به الدين، وانتشر الخير وعم  في ربوع الدنيا كلها، ولكن قد يبتعد بعض الناس عن تعاليم هذه الشريعة الغراء والملة الحنيفية السمحاء، فينحرفون عن  المنهج القويم وعن الطريق المستقيم، ويرتكبون الجرائم الاقتصادية والمعاملات الربوية وغيرها من الصور التي حذرت الشريعة الغراء من ارتكابها؛ وذلك بسبب التقليد الأعمى للآخرين أو تفشي الجهل في وسطهم وبعدهم عن التحلي بأخلاق الإسلام وعن التمسك بهدي النبي العدنان ((g، وكذا السير وراء فتنة جمع المال بغض النظر عن مصادره الشرعية وجمعه من طرق ردية؛ مما يؤدي إلى صعوبة المعيشة في الحياة الدنيوية، وانتشار أزمة الغلاء العالمية. فأردت أن أشارك بورقة عمل تحت عنوان: "مواجهة الجرائم الاقتصادية في ضوء الدعوة الإسلامية وسبل الاستفادة منها في مواجهة أزمة الغلاء العالمية"، لكي أتناول بعض الأسباب التي تؤدي إلى الجرائم الاقتصادية، وأتبع ذلك بالعلاج من منظور شرعي، وكذا صور لبعض الجرائم الاقتصادية (كالاحتكار، والغش، ونقص الكيل والميزان، والتعاملات الربوية المعاصرة، وغيرها مما يأتي في ثنايا البحث) وسبل معالجتها، وكذلك سبل الاستفادة من ذلك في مواجهة أزمة الغلاء العالمية.