الملخص: يقول تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ﴾ (الإسراء: 9) بيانٌ من العليمِ الحكيم لمركزيَّةِ القرآن الكريم في تحقيق الهداية الكاملة؛ لكونه تنزيلاً من الحيِّ القيُّومِ، القائم بتدبير أمر السماوات والأرض، ويقول النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلُّوا، كتاب الله". فكانت شدَّةِ التَّمسُّك بتعاليم هذا الكتاب هي الجالبة للسَّبيل الأقوم في أمر الدِّين والدُّنيا، وهي العاصمةُ - بإذن الله وحُسن توفيقه - من الضَّلالِ والحَيرة في الدَّارَيْن.   ولـمَّا كان ذلك كذلك كان الاستغناءُ بالقرآن الكريم، والنَّيْلُ من مَعِينه الصَّافي، والاستزادةُ من خيره الضَّافي - من خلال التَّدبُّرِ في بضع آياتٍ من سورة الإسراء - من أهمِّ الـمُهمَّات.    ومن خلال المنهج التَّحليلي لهذه الآيات الكريمات تطوِّف بنا هذه الورقة العلمية بمباحثَ سِتَّةٍ؛ لبيان معالم المنهاج القرآني في التَّدبير الماليِّ فيما يتعلَّق بالحقوق، والتَّبذير، والـمُواساة، والبُخل، والقَدَر، وسوء الظَّنِّ بالله؛ لترسُمَ لنا صُورةً كاملةً لعُمقِ المنهاج القُرآنيِّ في التَّدبير الماليِّ، وواقعيَّتِه ومُلابَسته لحالة المدعوِّين، وتوجيههم لما فيه الفلاح والصَّلاح في الجانب الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ والأخلاقيِّ والعَقَديِّ والسُّلُوكيِّ، ممَّا يضمن لمن تعلَّم هذا المنهاج القويم، وعمل بمُقتضاه الغَنَاءَ والكفاية والحياة الطيِّبة في الدَّارَيْن؛ ويجعل الاعتناء بالمنهاج القرآنيِّ في التدَّبير الماليِّ باعثًا وكفيلاً لحلِّ العديد من الـمُشكلاتِ الاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّةِ والأخلاقيَّةِ والعَقَديَّةِ التي تئنُّ منها الـمُجتمعاتُ الـمُسلمةُ، وصدق الله سبحانه إذ يقول: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٞ وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ .