الملخص: لقد أنعم الله علينا بنعم لا تعد ولا تحصى، قال سبحانه: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ (إبراهيم: 34)، لكن الإنسان قد يظلم نفسه بظلمه نعم الله عليه حين يكفرها، فيعرضها للزوال؛ قال سبحانه: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ (إبراهيم: 34)، ومن أشكال ظلمه لنفسه أن يتجاوز حد الاعتدال مع التعامل مع هذه النعم، فيتوسع في ملاذ الدنيا وشهواتها، وينغمس فيها؛ فيعيش متنعما مترفا همه دنياه فقط، وقد ينتقل هذا الأمر من إنسان لآخر؛ فينشأ عن ذلك طبقة من المترفين الذين لا هم إلا جمع المال فقط والتنعم به على حساب الآخرة، والذين يعدون سببا من أسباب هلاك المجتمع؛ قال تعالى: ﴿وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها. فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً﴾ (الإسراء: 16) . وتعد الآيات القرآنية التي تحدثت عن المترفين نوعًا من التنبيه الإلهي لنا؛ حتى نلتفت إلى مسؤوليتنا تجاه ظاهرة موجة الغلاء العالمية؛ حيث إن المترفين يستهلكون الموارد الاقتصادية في غير محلها، مما يؤدي إلى نقصها وارتفاع أسعارها. لذلك أحببت أن أشارك في هذا المؤتمر الذي تقيمه كلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة والذي هو بعنوان: "التدابير الشرعية والعملية في مواجهة موجة الغلاء العالمية" بهذا البحث بعنوان: "المترفون في القرآن الكريم دراسة موضوعية"، وقد قمت بتقسيم البحث إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة؛ فأما المقدمة فتشتمل على أهمية الموضوع وخطة البحث، وأما التمهيد فيشتمل على تعريف المترفين (اللغة والاصطلاح والأسلوب القرآني)، و العلاقة بينه وبين الألفاظ قريبة الدلالة، وجاءت المباحث الثلاثة كالتالي: سمات المترفين وصفاتهم في القرآن الكريم - عاقبة المترفين في الدنيا والآخرة - كيفية الحد من الترف لمواجهة موجة الغلاء العالمية، وأما الخاتمة فاشتملت على أهم النتائج والمقترحات، ثم ذيلت البحث بثبت أهم المراجع، وفهرس للموضوعات.