إن الأمن الفكري هو سلامة فكر الإنسان وعقله وطريقة فَهمه من الانحراف عن الوسطيّة فيما يخصُّ الجوانبَ الدينيّة والسياسية ونظرته للكون، بحيث لا تقودُه نظرتُه إلى الغلوّ والتنطّع، أو الإلحاد والعلمنة. وتتجلى أهمية الأمن الفكري في حماية العقول من الغزو الفكري، والانحراف الثقافي، والتطرف الديني؛ بيد أن الأمن الفكري يتعدى ذلك كله ليكون من الضرورات الأمنية لحماية المكتسبات، والوقوف بحزم ضد كل ما يؤدي إلى الإخلال بالأمن الوطني. تتمثل مظاهر الأمن الفكري في الدعوة الإسلامية في النهي عن الغلو والابتداع في الدين، والفتوى على الله بغير علم، وتحقيق الأمن النفسي للفرد والمجتمع، وحفظ الضرورات الخمس، ويمكن القول إن أهم وسائل الأمن الفكري في العصر الحاضر هي: الأسرة، والتعليم، والمسجد، والإعلام . ولا غرو إن الدعوة الإسلامية معنية بتحقيق الأمن الفكري للمجتمع عبر وسائلها وأساليبها المختلفة سواء كانت خطبةً أو محاضرةً أو كتابًا أو معهدًا أو مؤسسةً أو وسيلةً إعلامية.  تأسيسًا على ذلك، فمن وظائفها في الوقت الحاضر ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال في المجتمع بحسبانها تواجه الفكر المتطرف أو المنحل في نواته الأولى وقبل التشكل، ومن جهة أخرى، توضيح آثار مفارقة الجماعة من تَفَرق الناس في أهوائهم وآرائهم، وتحزبهم إلى طوائف، وجماعات سياسية، وفرق دينية يضرب بعضها بعضًا، ويكفر بعضهم الآخر. كما يأتي في ذات السياق، التحذير من تغريب الهوية المجتمعية بسبب سطوة الحداثة على المشهد الإنساني عمومًا، والتفرغ لكتابة البحوث والدراسات للرد على خطاب الانحلال والعلمنة، وكشف عواره، وتبيين زيفه.