يعتبر تراث الفن الشعبي ودوره في الفكر المعاصر من أهم القضايا التي شغلت مفكري الحركة الفنية. وهذا يجعلنا نتسأل هل التراث يقتصر علي فترات دون الاخري؟ هل التراث يتاثر بالتيارات الفكرية الوافدة؟ هل كل ما في التراث يصلح لأن يواجهه الحاضر؟ إن كثرة التساؤلات تصل بنا في النهاية لحقيقة الأمر فنجد أن التراث يصلح لأن يواجهه الحاضر؟ ان كثرة التساؤلات في الماضي البعيد وأيضا الماضي القريب مما يجعل له دور في تكوين الرؤية المعاصرة للفنان ولهذا فانه يعد من الدعامات الأساسية في العمل الفني كمصدر للابداع الفني.
وايماناً منا بهذا التراث ورغبة في ايجاد حضارة لا تقل عظمة وثراء عما كانت عليه علي مر العصور الحضارية المصرية السابقة. يجب التمسك بهذا التراث الغني وادماجه في حضارتنا الحديثة بما يتوافق مع متطلبات العصر.
ومن هنا تتحدد اهمية دراسة التراث الشعبي المصري باعتباره المخزون الثقافي للشعب علي مر العصور وقبل ان نستطرد في الحديث عن التراث الشعبي وعلاقته بالمنحوتات الخزفية محل الدراسة الحالية علينا في البداية أن نوضح مفهوم التراث الشعبي بشكل أكثر تفصيلا.
التراث في معناه الأوسع والأعم يعني توريث حضارات السلف للخلف وهذا التوريث لا يقتصر علي اللغة والأدب فقط وإنما يعم ليشمل جميع النواحي المادية والوجدانية للمجتمع من فكر وفلسفة ودين وعلم وفن وعمران.
وياتي اختيارنا لموضوع البحث الراهن لما يتخذه التشكيل والنحت الخزفي من مكانة واضحة لا تخطئها العين ضمن تجليات الفن الشعبي؛ حيث شارك في التعبير عن الحياة الانسانية وفي التعريف بثقافة وتاريخ المجتمع, فمن خلال خصائصه المميزة وطرقه الخاصة في التعبير قد كان أكثر التصاقاً بما يتناقله الناس من ذخيرة موروثهم الشعبي من جيل الي جيل, وذلك لما يحمله من مقومات الثبات والبقاء المستمدة من طبيعة مادته "الطينية" التي هي عنصر عيني ملموس من عناصر الحياة , هذا بالاضافة الي ارتباطه بمجال المنفعة الحياتية؛ مما ادي الي حرص الجماعة الشعبية علي نقل هذه المهارات من جيل الي جيل.
ومن هذا المنطلق تتحدد لنا اهمية البحث من حيث ان الدراسة العلمية للتراث الشعبي وعناصره التشكيلية تساعدنا في الكشف عن العديد من الجوانب الجمالية التي تمكننا من خلق اتجاه جديد يتسم بالقومية وابراز الشخصية الفنية المصرية في مقابل ما هو مستحدذ وغريب عن اطارنا الثقافي.