يُعَدُّ النسيج القبطي أحد المجالات المهمة التي برع فيها الفنان القبطيّ، والتي تتجلى فيها السمات المميزة لهذا الفن وتجعله فنًّا فريدًا ومختلفًا عن فنون مصر في المراحل التاريخية السابقة والتالية. وتتضح إحدى السمات المهمة للفن القبطيّ- ولنظيره ومعاصره البيزنطيّ- في الارتباط الواضح بين الفنّ وبين الديانة المسيحية بعد الاعتراف بها في الإمبراطورية الرومانية في مطلع القرن الرابع الميلاديّ، ثم جعلها الديانة الرسمية الوحيدة المعترف بها قرب نهايته. ويتجلى هذا الارتباط من ناحية في الدلالات الدينية للعديد من الرموز الفنية التي استعان بها الفنان القبطيّ للتعبير عن أفكاره ومعتقداته، ومن ناحية أخرى في موضوعات العهديْن القديم والجديد التي صورها على قطع النسيج.
وتُعَدُّ رحلة العائلة المقدسة إلى مصر أحد الموضوعات الدينية التي اهتم الفنان القبطيُّ بتصويرها على أعماله الفنيًّة من منحوتات، وأيقونات، ولوحات مصورة، وقطع عاجية، وعلى النسيج. وتهتم هذه الدراسة بمشاهد رحلة العائلة المقدسة إلى مصر التي وصلت إلينا مصورة على النسيج وتهدف إلى المقارنة بينها لتوضيح أوجه التشابه والاختلاف بين القطع وبعضها بعضًا. كذلك فإنَّها تسعى بقدر الإمكان إلى تحديد زمن هذه القطع، وتوضيح المراكز الفنية التي تنتمي إليها. ويتضح من الدراسة أن المشاهد تصور رحلة الذهاب والعودة، وأنها ترجع على الأرجح إلى مصر العليا وإلى القرن الخامس والسادس الميلاديّ.