كان المصريون القدماء يؤمنون بأن كل شخص يولد بموهبة خاصة تُعرف بالصفة الحميدة الفطرية. وقد انعكس هذا الاعتقاد بوضوح في نصوصهم، لا سيما في السير الذاتية والتعاليم. إحدى هذه الصفات الفطرية الهامة، والتي تلعب دورًا محوريًا في تشكيل الهوية الفكرية والسلوكية للفرد منذ ولادته، هي الذكاء. تتناول هذه الدراسة كيف كان المصريون القدماء ينظرون إلى الذكاء ويجسدونه في مختلف جوانب مجتمعهم، مع التركيز على أبعاده الأخلاقية والعملية والإبداعية. تعتمد الدراسة على منهجية تحليلية تاريخية تجمع بين التحليل الأدبي للنصوص، مثل "تعاليم بتاح-حتب"، والتفسير السياقي للأساطير لتوضيح دور الذكاء في المجتمع. كان القلب يُعتبر مركز العاطفة والفكر، ولعب دورًا حاسمًا في المحاكمة الروحية وتشكيل الهوية الشخصية، وهو مفهوم يتوافق جزئيًا مع الأبحاث الحديثة في علم القلب. كما تستكشف الدراسة رمزية الآلهة مثل تحوت و بتاح، اللذين يجسدان الذكاء متعدد الأبعاد، ويربطان بين الفكر والكلام والخلق. وتسلط الضوء أيضًا على الابتكارات المعمارية، مثل ترطيب الرمال لنقل الأحجار، وتصاميم الراحة الحرارية، والمعابد الموجهة للشمس، مما يعكس التطبيقات العملية للذكاء. إضافةً إلى ذلك، ركّز النظام التعليمي في مصر القديمة على تنمية الذكاءات المتعددة، مما يعزز النمو الشخصي المتكامل والمساهمة الفعّالة في المجتمع.