تُعدّ الحلواء من الأطباق التي اهتمّ بها العرب، إذ يُؤكد بها العربي وجوده وتأثره بالآخر، وما يدور حوله من معطيات ثقافية وحضارية، فقد أماطت اللثام عن تركيبة المجتمع، كما أن حضورها يستكنه الأبعاد الأيديولوجية والفكرية، وتتمحور في حضورها فكرة الصراع بين أنساق متعددة ومدى تأثيرها، فهي من أدوات الهيمنة والقوة إذا ما تحقق وجودها. ولعلّ أهمية أطباق الحلواء تأتي من قيمتها الرئيسية، فهي المتممة لأطباق الطعام المطبوخة والمالحة، ولا تخفى قيمتها في الموروث الثقافي العربي، كما تتصف أطباق الحلواء بالتنوع والتعدد في أنواعها، وطرق إعدادها، وطرائق تقديمها وتأثيرها على متذوقها، كما أن إعدادها يتصف بالسهولة طالما توافرت ما تحتاجه من مواد، إلا أن جودتها تتكئ على مزجها بحرفيّة وبراعة وإبداع، مما يضفي عليها مذاقاً طيباً. وأسهمت أطباق الحلواء في دلالاتها المضمرة في الحديث عن الجمالي في واقع الفساد والتورط الأخلاقي، كما تكشف عن التفاوت الطبقي والصراعات الخفية والأبعاد الاقتصادية، والمنظومة الاجتماعية كإرثٍ إنسانيّ مشترك تتفاعل فيه الثقافات على اختلافها، والولوج إلى حياة الحاجة والعوز في بعده الإنساني حينما يصبح الإنسان ضحية الفقر، كما تكشف عن منحى حضاري يرتبط بتحقيق حالة من النشاط والغبطة والسعادة، وتعكس قيماً أخلاقية رفيعة انتهجها العربي في إكرامه الضيف.