لم يكن الأدب الساخر طارئًا على الساحة الأدبيّة والنقديّة, فقد وجد في موروثنا الأدبّي عند الجاحظ في سائر كتبه ويعدّ هذا النوع الأدبي  فضاءً رحبًا للمنهج السيميائي ليتلقاه ضمن دائرة اهتمام شبكة علاماته التي تنفذ إلى البنية العميقة لهذا الأدب . ولهذا الفن الأدبي هدف يرمي إلى غاية في نفس منشئه وأثر يدوم ويبقى ,وإصلاح لمواطن الضعف والخلل في المجتمع, ولعله أصدق أدب قادر على كشف مستور معاناة الشعوب من غير إسفاف في القول ولا ابتذال في التعبير, فهو صياغة التفكير النقدي بأسلوب أدبي فني هزلي, وهو الأقرب لرفع صوت من لا صوت لهم في المجتمعات الإنسانية حيث باتت الأخيرة تنشد الهزل لتخفف وطأة التراجيديا والحزن . تُعدّ السيميائية بمختلف استراتيجياتها، واتجاهاتها الفلسفيّة ثورةً معرفيّةً في العلوم الإنسانية ولاسيّما في النقد الأدبيّ؛ ووقد كان للأدب الساخر نصيب وافر من مقارباتها ونقدها, فقد أحدثت تغييرًا جذريًا في قراءة الآثار الأدبيَّة في أزمان متتابعة. تميزت السيميائية بتوظيف كل ماتحمله ذات الإنسان من مفارقات وتضادات وكل ما حوله كالألوان والأسماء والمكان والزمان لخلق إنتاج أدبي يكشف مستور النصوص ومقصديات مبدعيها.