يظل شعر أبي تمام يعطي جديدًا؛ كلما تناولته أقلام النقاد، وقصيدة فتح عمورية؛ تُعدُّ ملحمة شعرية؛ أودع فيها الشاعر مذهبه الشعري الجديد الذي شغل النقاد في عصره، وبعد عصره.         ولا تتوقف الموسيقى في النص الشعري عند الوزن والقافية، بل كل الظواهر اللغوية؛ تتآزر مع الوزن والقافية؛ لتشكل الموسيقى الشعرية، ومن ثم تناول البحث الوزن والقافية، وموسيقى الصوت والمقطع، وموسيقى اللفظ، وموسيقى التركيب، ولم تقف الوظيفة الجمالية عند التشكيل الموسيقى للنسق الشعري، بل نتجت عن تعانق الشكل والمضمون، أو الصوت والدلالة.         والمراوحة بين التفعيلة الصحيحة والمزحوفة في النص؛ أدت إلى التنوع النغمي، وتعلو نبرة الإيقاع في منطقة القافية؛ لما تتميز به من خصائص صوتية معينة.          وترددت الأصوات المجهورة بنسبة عالية، والمجهور أكثر وضوحًا في السمع من المهموس، وهذا الوضوح تجاوب مع عاطفة الشاعر، وينسحب الأمر ذاته على تفوق الفتحة الطويلة والقصيرة على الكسرة الطويلة والقصيرة، والضمة الطويلة والقصيرة؛ فالفتحة أخف الحركات، وهذه الخفة تعلو بالنغمة التي تتساوق مع ارتفاع صوت الأنا في القصيدة، ولا نعدم هذه الوظيفة الصوتية الدلالية في تفوق المقاطع المفتوحة على المقاطع المغلقة في النص بنوعيه الكلي والجزئي، والتناظر الإيقاعي، والتنكير والتعريف، والتضعيف، والذكر والحذف، والضرورة الشعرية، والطباق.         وكان للتشكيل الموسيقى أثره في إنتاج الدلالة كذلك من خلال موسيقى التركيب، وقد تجلَّى هذا الأثر في تكرار التركيب، والترصيع، والتقديم والتأخير.