استهدف البحث الحالي مناقشة عدداً من الأسس التي يقوم عليها بناء النظام الجنائي الإسلامي أو الأسس التي لا يتم تصور أداء النظام الجنائي الإسلامي لوظيفته إلا بوجودها وأدائها لوظيفتها، ومن هذه الأسس ما يتصل بمقاصد الشريعة وهى حماية المصلحة العامة، أو المحافظة على الضرورات الخمس، ثم ناقش بعد ذلك مشكلة انقسام العقاب في نظر الفقه الجنائي الإسلامي تبعاً لتقسيم الحق المعتدى عليه إلى حق الله وحق العباد وأثر ذلك في مدى جواز العفو
أو استيفاء العقوبات، وجاء بعد ذلك مبدأ المساواة أمام النصوص الجنائية، ثم ناقش بإيجاز أهم الأهداف التي تتوخاها العقوبة في تصور الفقه الجنائي الإسلامي. وقد توصل البحث إلى نتائج أهمها: أن التشريع الجنائي الإسلامي هو فرع من كل، والكل هو الإسلام الذي يعنى الاستسلام المطلق الله سبحانه وتعالى تحقيقاً لمعنى توحيد الربوبية والألوهية، فلا يمكن فهم التشريع الجنائي الإسلامي فهماً حقيقياً، ولا يمكن تطبيقه تطبيقاً صالحاً، ولا يؤتى ثمرته إلا في إطار هذه النظرة الشاملة الكاملة. كما تبين أن خطة الشريعة في التجريم والعقاب تقوم على أساس الحفاظ على المصالح الأساسية المعتبرة في الإسلام، وهي الدين والنفس، والعقل، والنسل، والمال، وهي ما يسمى بالكليات الخمسة، التي لا تستقيم الحياة الإنسانية إلا بوجودها وصيانتها من الاعتداء، كما تبين أن تقسيم الجرائم إلى جرائم تقع اعتداء على حق الله، وجرائم تقع اعتداء على حق العباد ترتب عليه آثار موضوعية يبدو أهمها مدى جواز العفو عن العقوبة، أو مدى جواز العفو عن الجريمة.