يهدف البحث إلى بيان ثمرة علم أصول الفقه؛ فتخريج الفروع على الأصول من أهم ثمار أصول الفقه، فبه يتم إعمال قواعد الأصول، وبه تُضبَط مناهج الفتوى، ويُستعان به على بيان أوجه الاستدلال وطرق الاستنباط والترجيح. ولا عجب في ذلك؛ فقد تقرر -عند علماء الشريعة- أنه قاعدة الأحكام الشرعية، وأساس الفتاوى الفرعية، وركيزة الاجتهاد والترجيح، فلا يستغني على فقيه ولا مُفتٍ ولا قاضٍ؛ فهو السلاح الأمثل للنوازل والحوادث والمستجدات والمتغيرات، كيف لا وهو الدليل على صلاحية الشريعة الغراء لكل زمان ومكان، ومن تأمَّل اليوم وجد أن الحاجة إلى معرفة القواعد الأصولية أكثر وأشد، مما يستدعي التسلح بسلاح العلم والاجتهاد؛ لتحقيق الحق وعلاج ما يجد من نوازل ومشكلات، ومما لا يخفى أن كتاب "شرح الرسالة"، من الكتب التي اهتمت بربط الفروع بالأصول؛ فهو من أجلّ الكتاب وأنْفسها، كيف لا، والذي صنَّفه علَم من أعلام المالكية الكبار، وهو القاضي عبد الوهاب رحمه الله. فكان حريًّا دراسة كتابه دراسة أصولية تطبيقية. وأذكر -هنا- بعض النتائج التي خلُصت إليها خلال هذا البحث: أهمية كتاب شرح الرسالة، وصحة نسبته إلى القاضي عبد الوهاب رحمه الله. أن كتاب القاضي رحمه الله موافق لترتيب كتاب الرسالة لابن أبي زيد القيرواني؛ لأنه شرح له. ذكر القاضي عبد الوهاب -رحمه الله- قواعد أصولية، ونصَّ عليها؛ لم أجد من ذكرها غيره. أخيرًا لقد اتبعت في هذا البحث المنهج الاستقرائي التحليلي الاستنباطي.