جاء ترتيب المتعاطفات الأفعال في سورة البقرة وفق أغراض وأهداف يحققها في المخاطبين بدقة عالية، تُبْرز وجهًا ناصعًا من وجوه إعجاز القرآن الكريم. وقد دفعني إلى اختياره موضوعًا لبحثي الرغبةُ العارمةُ في خدمة القرآن الكريم، والانتفاع بقوانين البلاغة في تحليل ذلك النص المعجز، والوقوف على ما يمكن من وجوه إعجازه البلاغي، إلى تنمية ذائقتَيْ البلاغية بإجالة الفكر في النظم القرآني الكريم. واعتمدت المنهج التحليلي الفني القائم على تطبيق نظرية النظم؛ لأنها التي تثبت لدراسة النظم القرآني الفخم. وقد وضع البحثُ اليد على علاقات المتعاطفات الأفعال، وأبان عن وجه ارتباط بعضها ببعض عمومًا وخصوصًا، وسببًا ومسبَّبًا، ومشوِّقًا ومشوَّقًا إليه، إلى آخر تلك العلاقات التي اعتمدها البحثُ عناوين لمباحثه. وأسفرَ البحثُ عن عدة نتائج بلاغية تقرر عظمة هذا الكتاب الخالد، ونجد بلاغة الترتيب أتت لإبراز معان بلاغية، منها التنبيه على المقدم، وإبراز معنى لافتٍ، أو تحقيق غرض مقصودٍ، فيكون لذلك هو الأَوْلى بالتقديم، وكذلك الاتساق، ومناسبة السياق الأبعد، ويقتضي أحيانًا ترجيحَ تقديمِ بعضِ الأفعال وتأخير أخرى.