لقد بدأتْ إرهاصات ظهور الأساطير في العقود الأولى، وذلك عندما استخدمها الإنسان البدائي القديم للرد على أسئلته حول الطبيعة والكون من حوله، وتفسير الأمور الغامضة في حياته، وإشباع غريزة الوصول إلى الحقيقة، والتطلع للمعرفة. وتُعدّ أسطورة (أوديب) من الأساطير الإغريقية قديمة، التي ترجع إلى العصور الأولى؛ حيث تحدثت بها (الأودسة) في النشيد الحادي عشر، وذهب بعض النقاد إلى كونها فارسية الأصل والنشأة. ولقد اختلفت الرؤى والدراسات حول مسرحية (أوديب ملكًا) للشاعر (سوفوكليس)، ويدور موضوعها حول حتمية القدر، واللعنة المتوارثة من الأجداد للأبناء، والمعرفة الإنسانية. وفي المقابل نرى الكاتب توفيق الحكيم يؤلف مسرحية بعنوان (الملك أوديب) المنتقاه من مسرحية (سوفوكليس). ولقد عمدت -في دراستي هذه- إلى دراسة المسرحيتين دراسة مقارنة، وبيان أوجه التأثير والتأثر بين كليهما، وأوجه الشبه والاختلاف في تناول كلا الأدبيين للأحداث، والشخصيات، والعُقدة والحل، وما أضفاه (توفيق الحكيم) على المسرحية من إبداع وتطور يتناسب مع الثقافة العربية، حتى تحولت - من خلال ذلك الإبداع- من كونها أسطورة إلى مسرحية ذهنية واقعية حديثة.