هذا البحث يتعلق بأصح كتابين بعد كتاب الله تعالى, ألا وهما: «صحيح البخاري», و«صحيح مسلم», من حيث جمع ما غاب عن الصحابة الكرام من روايات فيهما, وهذا ما له من الأهمية الكبرى لدى طالب العلم عموما, وطالب الحديث, والشريعة خصوصا؛ حيث يوقف الباحث بأيسر سبيل, وأسهل طريق على ما غاب عن كل صحابي على حدة من أحكام, وسنن, ووقائع, ويوقفه أيضا على السبب الذي لأجله غاب فيه هذا الحكم عن هذا الصحابي؛ من تعلقه بالمنسوخ, وعدم علمه بالناسخ, أو عدم وصول الحديث إليه أصلا, أو يكون قد وصله, لكن يعارضه بدليل آخر عنده؛ من آية, أو حديث آخر, وغيرها من أسباب جاء تفصيلها في هذا البحث, فيعلم الباحث حينئذ أن هذا مما خالف فيه الصحابي الصواب؛ لغياب هذا الحكم عنه, فيأخذ بقول غيره ممن خالفه من جمهور الصحابة الكرام, وليس هذا مما ينقص رتبة الواحد منهم, لكن لأن الكمال لله وحده, والعصمة لأنبيائه, ورسله, وليسوا جميعا ممن أثر عنه هذا المعنى, بل هم قليل بالنسبة إلى مجموعهم, ومن أثر عنه شيء من هذا قليل أيضا بالنسبة لما عنده من علم, وقد انتهى بي البحث إلى جمع قرابة خمسين مسألة من جملة عشرين صحابيا تقريبا.