يُثير الشعر في صدر الإسلام في الدراسات الأدبية منذ القدم أحكامًا ومقولاتٍ مختلفة، تغمز في قوّته ومتانته ووفرته، ولعل من أسباب ذلك دخول كثيرٍ من الشعر المصطنع فيه، وسببٌ آخر وجيه هو قِلَّةُ الدراسات الجادّة المتريّثة عند دراسة الشعر في هذا العصر، ولعل الدراسة الأدبية بالمناهج العلميَّة المناسبة تؤدّي إلى نتائج جديدة تجلو كثيرًا من حقائق التأريخ الأدبي لذلك العصر. من ذلك غلبة النزعة العقلية في شطرٍ من أشعار العصر، ولا سيما في شعر الحرب منه، حيث يؤول الأمر إلى النصر أو الهزيمة، ويقول الشعراء في ذلك أشعارهم يدافعون أو يهاجمون، فتظهر الحجج العقلية: المنطقية والـمُغالَطية، تبعًا لذلك، وينحو بعض الشعراء إلى التأثير الإقناعي بوسائل مختلفة أخرى: لغوية ونفسية. يريد هذا البحث أن يقف على أهم صور الحجاج في شعر الحرب في تلك الحِقبة التي تمتدُّ لنحو عشر سنوات، بين المسلمين وغير المسلمين، والبحث إذن لن يقتصر على أشعار المسلمين وحدهم. من تلك الحجج المهمة النابعة من نظرية الحجاج خصوصًا: حجة السلطة، وحجة الاشتراك، والحُجج القائمة على بنية الواقع وفقًا للروابط. ومن غير حقل نظرية الحجاج نجد في علم النفس مثلًا وسائل إقناعية مختلفة كالعقلنة أو التبرير، وغير ذلك. لقد نزعت طائفةٌ من الشعراء إلى استعمال الوسائل الإقناعية والحجاجية، يسعى البحث إلى تجلية تلك الخصيصة في شعرهم.