يهدف هذا البحث إلى بيان مدى مرونة الشريعة الإسلامية وجمالها، ورفعتها وبلاغتها، وتداولية الأحكام الشرعية فيها بين الأمم، حيث تراعي المقام ومقتضى حال المكلف في كل نواحي الحياة، سواء النواحي البدنيَّة أو المعيشيَّة أو البيئيَّة، وتتغير الأحكام بتغيُّرها، وهذا ما يجعلها شريعةً رائدةً تتواصل مع كلِّ الأمم، وصالحةً للتعايش معهم وبينهم، وقادرةً على التواصل البناء، ومواكبةً للتقدم العصري؛ ومن النواحي البدنيَّة التي راعتها الشريعة في المكلف الناحية النفسيَّة؛ فقد أثبت هذا البحث تلك القضية؛ وهي تغير الأحكام الشرعية مراعاةً لحال المكلف النفسية؛ وذلك بالأدلة الداعمة القوية من الكتاب والسنة، ولابد من التنويه إلى أن البحث لحال المكلف النفسية الشعورية، وليس للأمراض النفسية السريرية التي تحتاج إلى طبيب بشري وعلاج كيميائي؛ فالشرع راعى الحالة النفسية الأولية العادية التي قد يتوقف على عدم مراعاتها وأخذها في الاعتبار أمراضٌ نفسيَّةٌ كبيرةٌ يحتاج فيها المريض إلى تدخل الأطباء، وقد لايسهل معه العلاج، وقد يؤدي به الحال إلى التخلص من نفسه بالكلية والعياذ بالله، وهذا أيضًا مما يدل على عظمة الشريعة ورحمتها في مراعاة حال المكلف؛ بأن تصرف عنه أيَّ مشقة حال القيام بالتكاليف الشرعية، أو أي حال غير سليم قد يلازم المكلف؛ مما يؤثر عليه باضطراب في منظومة الحياة البشرية.