اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، فقد امتاز تراثنا الإسلامي بالمرونة والواقعية والصلاحية لكل زمان ومكان، والقدرة على التواءم مع مستجدات ونوازل كل عصر، ولقد ادرك العلماء قديما شدة الاتصال بين الفكر واللغة، أو بين المباحث العقلية والألفاظ اللغوية، فتكلموا في الألفاظ ودلالتها حيث إن اللغة هي الوسيلة التي تعبر عن أفكارنا، ولذا نجد الدلالة عند المناطقة في مبحث الألفاظ، ووجدت تلك العناية في العصر الحديث ولكن تحت مسمى جديد فأطلق عليها (الفلسفة التداولية) وهي ما تعني الترابط الشديد بين الألفاظ ودلالتها اللغوية والبعد التداولي للفظ من حيث الزمان والمكان والظروف وأطراف المناظرة ومذهبهم الفكري وتحليل الخطاب وما يستلزمه الحوار من معان ضمنية إشارية يراعى فيها المقام ومقتضى الحال، وما تنطوي عليه دلالات الألفاظ المنطوقة والمفهومه، وهذا ما اتضح بالبحث حين تناول مسألة الرؤية لله سبحان وتعالى بين المعتزلة وأهل السنة ، حيث جاء تناول كل طرف من الحوار للمسألة متفقا مع أصول مذهبه الكلامي، ومع كون اللفظ واحد( الرؤية) لكن كان هناك المثبت والناف، والجميع قصد التنزيه والتقديس واثبات الكمال لله تعالى ، فالمعتزلة الذين نفوا الرؤية كان ذلك منهم لما تستلزمه الرؤية من التجسيم والجهة المحالين على الله سبحانه، وقياسا للغائب على الشاهد، أما أهل السنة فقد عمدوا إلى التحليل اللغوي للفظ الرؤية وحتى يتم التوفيق بين الآيات القرآنية فأثبتوا الرؤية مع تفويض الكيفية لله تعالى.