يعدّ المكان أحد عناصر العمل السردي التي تساهم في تشكيل بنائه، وتنظيم أركانه، وربط أجزائه، وهو الأمر الذي اتجهت الدراسات الحديثة إلى تأكيده وإظهار تجلّياته، ولهذا جاءت هذه الدراسة بعنوان (تجلّيات المكان المغلق في رواية فتاة الجزيرة) وسعت إلى البحث عن أنماط المكان وأبعاده في رواية (فتاة الجزيرة) بأجزائها الأربعة للروائي العراقي داود بن سليمان العبيدي، وتحديداً عبر تأمّل الأمكنة المغلقة التي حضرت بقوة فيها، كالسجن، والكهف، والأخدود، وغيرها، وجملة من الأبعاد، منها: الجغرافي، والهندسي، والتاريخي، والنفسي. كما درستْ تأثير المكان المغلق في شخصيّات وأحداث الرواية، فأبانت عن تجاوزه حدود الإطار والخلفية لها، إلى حدود التحفيز لسلوك أو الانتقال لحدث ما، أو نحو ذلك من مسارات تشكّل الشخصية والحدث. وقد جاءت الدراسة في مبحثين؛ المبحث الأوّل بعنوان (المكان المغلق الأنماط والأبعاد)، أمّا المبحث الثاني فبعنوان (المكان المغلق محفّزاً سرديّاً)، الذي يدرس إسهام المكان المغلق في تحفيز الشخصية أولاً، وفي تحفيز الحدث ثانياً، (المكان وتشكيل الشخصيات)، واعتمدت الدراسة في كشوفها على المنهج الوصفي التحليلي، مع الإفادة من المنهج الفنّي، والاجتماعي، والنفسي، بقدر ما تقتضيه الدراسة.